الأحد، 7 يونيو 2009

العنف ضد المراه جلد وضرب واغتصاب


العنف ضد المرأة .. قصص مريعة وأرقام مرعبة والمستور أفظع
تحقيقات
325 حالة اغتصاب لغاية السنة الماضية بإحدى المحافظات
" واحدة من بين كل أربع سيدات متزوجات تتعرض للضرب عادة من زوجها أو أبيها " ، هذا ما تشير اليه
إحصائية الاتحاد النسائي بسوريا وحكاية الشابة " رندة 19 سنة " التي فقدت النطق والسمع نتيجة تلقيها الضرب من قبل أخويها الشابين,

وبعنف شديد, أو الصبية "
سكينة 20 سنة " التي أصيبت بالصرع تعرضها للضرب من قبل ابيها, لسبب أو دون سبب، أنموذجاً عن العنف الجسدي , باعتباره الأكثر وضوحاً من أشكال العنف الأخرى .
تفيد
دراسة ميدانية في مدينة حمص أجريت على النساء اللواتي راجعن مركز الطب الشرعي بحمص بشكوى أذيات جسدية ناجمة عن العنف المنزلي خلال الفترة الممتدة بين 2005 – 2004 حيث بلغ عدد الحالات 216 حالة . وهي الحالات المبلغ عنها للجهات الرسمية المعنية.
وعن ذلك يقول القاضي فارس صطوف " من الملاحظ أن أغلب حالات العنف لا يتم التبليغ عنها " . وبحسب الإحصائيات فإن نسبة الإبلاغ عن حالات العنف تصل إلى ( 8 ر1% ) من الحالات الواقعة فعلاً0 ولهذا أسبابه التي من أهمها أن الضحية تعتبر هذا الأمر شأناً خاصاً بالأسرة ولا تريد افتضاحه , وأيضاً قد يكون نابعاً من رضا الضحية بهذا العنف , واعتبارها أن هذا العنف قد يكون مؤقتاً وسوف ينتهي , إضافة إلى ضعف الضحية وخوفها من أن أحداً لن يساعدها في مأساتها" .
ولعل تحول لغة الكلام والحوار مع المرأة إلى لغة القبضة ، والصفع و الضرب بوسائل مساعدة , على وجهها وجسدها ، مما يستغرق وقتاً حتى تختفي علاماته ( نتائجه ) ظاهرياً , لكن آثاره النفسية لا تختفي أبداً من روح وقلب هذه المرأة .

اغتصاب أم معاشرة زوجية
في زيارة إلى دار الضيافة للفتيات وبتدقيق
سجلات الدار نجد أن عدد النزيلات بسبب (الاغتصاب ) وصل في العام 2006 إلى ( 325 ) نزيلة من أصل ( 940 ).
ويعتقد الكثير من الأزواج أنهم " أصحاب حق في وقت وطريقة ممارسة الجنس مع الشريك " لكن يغيب عن أذهانهم أن هذه الرغبة تأخذ شكلاً من أشكال " الاغتصاب " حين تـُكره المرأة – الزوجة - على فعل ما لا ترغب بفعله
ومع ذلك تبقى الحالة هذه من أبسط حالات العنف الجنسي مقارنة بحالات أخرى , تتحول فيها المرأة إلى سلعة تباع وتشترى طمعاً بجسدها , كحالة
ماريا التي تناولتها الأيادي كسلعة فتم بيعها أربع مرات متتالية . أو أن تصبح المرأة ( جسدياً ) وسيلة لتحصيل المال وكسب المعيشة من خلال إجبارها على العمل بالدعارة . وعن ذلك تقول المحامية تكوين زهور " ثمة كثافة هائلة بمثل نوعية هذه الدعاوى في قضائنا ومحاكمنا , ومع كل أسف أن ما يحصل هو الاكتفاء بمدة توقيف كحد أدنى للزوج وإخلاء سبيله بكفالة مالية , ليعود ويمارس مثل هذا العنف على زوجته , أو ابنته أو أخته , لأنه أعتاد على مثل هذا المصدر لكسب الأموال " .
ويكاد لا يمر أسبوع على فرع الأمن الجنائي بحمص دون وجود قضية أو أكثر تتعلق بالدعارة , أو الجرائم الجنسية .

عنف عربي وعالمي
لا يقتصر العنف على سوريا او العالم العربي بل تمتد الظاهرة لتأخذ طابع عالمي العالمي , مع فارق النسب بحسب ثقافة وطبيعة وقوانين الدول .
وبرغم قلة
الدراسات العربية تشير إحداها الى وجود 40 ألف من أصل 46 ألف حالة طلاق في الكويت سببها عنف الزوج ، وفي الأردن أجاب 86% من طلبة الجامعة بوجود عنف داخل عائلاتهم، وفي قطاع غزة فان 52% من النساء الفلسطينيات أنهن تعرضن للضرب على الأقل مرة واحدة خلال العام السابق، اما العنف ضد النساء في مصر( عن طريق رصد لحوادث العنف ضد المرأة التي نشرتها الصحف المصرية خلال النصف الثاني من عام 2006 ) بلغت ( 261 ) حالة.

وعلى مستوى
دول عالمية ومن قارات وثقافات وحضارات مختلفة . كشفت دراسة لمنظمة الصحة العالمية في ١٧ دولة أن العنف المتأتي من شريك الحياة يطال ٣٢ إلى ٩٤ في المائة من النساء في أكثر المواقع التي جرى مسحها . كما أصدرت اليونيسيف تقريرا أشار إلى أن / 310 / مليون فتاة وامرأة لا يزلن على قيد الحياة قد خضعن لعملية تشويه في أعضائهن التناسلية ( ختان ) ووفقا لصندوق الأمم المتحدة للسكان فإن خمسة آلاف امرأة يقضين سنويا ضحية ( جرائم الشرف ) أما حالات الاغتصاب والعنف الجنسي فاستخدمت بشكل واسع كأداة حرب في ( رواندا ، والبوسنة ، وسيراليون , وغيرها ) .
وفي تقرير آخر لمنظمة الصحة العالمية اعتمد على استطلاع رأي / 24 / ألف سيدة في عشر دول من بينها ( اليابان والبرازيل وإثيوبيا ونيوزيلندا ) يشير التقرير إلى أن امرأة من كل ست سيدات - وفي بعض المجتمعات فإن امرأتين من كل ثلاث سيدات - يتعرضن لأذى أزواجهن أو شركائهن المقيمين معهن أو أصدقائهن ، ولا تبلـّغ نساء كثيرات عن العنف في البيت لأنهن يعتبرنه مسألة عادية .

الدكتور
إبراهيم خضور أستاذ التربية وعلم الاجتماع في جامعة البعث يعلّق بحديث له حول ذلك بقوله " بالنسبة للعنف أو العدوان على المرأة بالذات فهذه قضية خاصة أو مظهر خاص , من مظاهر العنف يبرز في بعض المجتمعات ويخف أو يتلاشى في مجتمعات أخرى , بل قد يبرز في فترات تاريخية معينة ويغيب في فترات أخرى , وهذا يدل على وجود أساس اجتماعي لهذه المسألة , وعلى الأرجح أن العنف ضد المرأة الذي يطفو على السطح في المجتمعات الأقل تطوراً من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وبشكل خاص السياسية , ما هو إلاّ جزء أو مظهر خاص من مظاهر العنف الاجتماعي الناتج عن حالة القهر والإحباط اللذان تتعرض لهما شرائح واسعة من سكان تلك المجتمعات " .

العرب يتصدرون جرائم الشرف
تنفرد جرائم ما يعرف بجرائم ( الشرف ) بشرف الصدارة في سلم العنف ضد المرأة , كما تتصدر المراكز الأولى بعدد الجرائم المرتكبة باسم الشرف , الدول العربية المراكز الأولى , ومنها سوريا التي تحتل – وفق بعض الإحصائيات – المركز الخامس عالمياً .
وقد سبق لسيريانيوز أن رصدت عدد من
الجرائم التي تم تنفيذها باسم الشرف بأبشع الصور , وأشدها إيلاماً . حيث يستند الفاعل إلى المادة / 548 / من قانون العقوبات والتي منحت العذر المخفف للقاتل , وعن ذلك كان المحامي نزيه معلوف قد قال لسيريانيوز في لقاء سابق " إن المجال مفتوح بشكل واسع لكي يستفيد القاتل من التخفيف بمجرد انه يقول انه قتل بدافع شريف " وهذا الأمر يدعمه الكثير من القضاة بشدة " بحسب المحامي معلوف .
المحامي معلوف كان قد وجد مجموعة من الاجتهادات " تبيح القتل في هكذا حالات بغض النظر عن الدافع إن كان متوفرا أم لا ، ومن هذه الاجتهادات ما لا يضع عبرة لمرور الزمن الطويل بالنسبة للدافع الشريف الذي يعتبر موجوداً لمجرد وقوع القتل تحت تأثير اعتداء القتيل على عرض القاتل ، بمعنى أن الدافع الشريف يمكن أن يطبق مهما طال الزمن " .
من جهتها تعتبر
السيدة ديالا الحاج عارف وزيرة العمل والشؤون الاجتماعية أن " جرائم الشرف ليست ظاهرة والإعلام ضخمها " .

جرائم الشرف والشرائع السماوية
غبطة
المطران أيسيدور بطيخة مطران حماة وحمص ويبرود وما حولها للروم الكاثوليك قال: " في موضوع الزنى رفض السيد المسيح الرجم والمحاكمة دون الأخذ بعين الاعتبار من زنى مع الزانية ( الرجل ) و كأن السيد المسيح أراد تسليط الأضواء عمن زنى معها ( التساوي بالحكم كما التساوي بالفعل ) . الرجل الذي يقاصص المرأة , لِمَ يستثني من العقاب , وقد أشار السيد المسيح إلى هذه القضية بقوله ( من كان منكم بلا خطيئة فليرجم أو فليرمي حجره ) وقصد المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات , حتى لو تنوعت الواجبات بين المرأة والرجل , وهذا التنوع لا يعني أن أحدهما أهم من الآخر " .

من جهته رفض
الدكتور محمد الحبش مدير مركز الدراسات الإسلامية , وعضو مجلس الشعب السوري أن يكون الإسلام قد أباح الضرب . الدكتور حبش قال لسيريانيوز في اتصال معه " لا أوافق على الضرب كونه لا يحمل أي مضمون إيجابي , وبعد نزول الوحي طاف ببيت الرسول نسوة كثيرات يشكون أزواجهن من تعاملهن فقال الرسول " لا يضربهن إلاّ لئيم " . لقد حدد لنا الشرع أربع مراحل في تعاملنا مع المرأة ( الزوجة ) قبل الوصول إلى أبغض الحلال عند الله ( الطلاق ) وهي : الموعظة , الهجر في المضاجع , الضرب , إرسال حكم من أهلها , ثم الطلاق " .

وكان
الدكتور أحمد بدر حسون المفتي العام للدولة , قد قال سابقاً " جريمة الشرف في رسالة الأنبياء هي كيف نعيد المخطئ إلى رحاب الله وليس قتله " .
الدكتور حسون كان قد قال لسيريانيوز في
لقاء سابق أنه " تقدم لوزير العدل بمشروع تعديل القوانين المتعلقة بجرائم الشرف " .
والجدير ذكره أن ما يسمى بجرائم الشرف تنتقل مع الأشخاص المقتنعين بها إلى بلادٍ لا تعرف مثل هذه الجرائم , كما حدث في
هولندا حيث كشفت الدراسة أن معظم حالات جرائم الشرف، كانت لعائلات تركية / هولندية ، بينما سجلت الحالات الأخرى لدى عائلات من جنسيات أفغانية وعراقية ومغربية وكولومبية وجنسيات أخرى .

الثقافة الشعبية و الإعلام يدعمان
تدعم الثقافة الشعبية , والموروث الفكري لمجتمع ما صور العنف ضد المراة، ويظهر ذلك بصورة جلية من خلال مجموعة من
الأمثال الشعبية من قبيل" المرأة مثل السجاد كل فترة بدها نفض " و " المرا متل الزيتون ع الرص بتحلا "المتداولة بين العامة , تعكس هذه المفردات ثقافة تولدت من تراكمات فكرية واجتماعية واقتصادية وسياسية عبر العصور .

الإعلامية
ثناء السبعة من موقع نساء سوريا قالت في حديث لسيريانيوز معها " عند المرور والمراقبة لوسائل الإعلام المختلفة المرئي والمسموع والإعلام الالكتروني والورقي نجدها تقدم المرأة على أنها جسد فقط أو تقدم عقلها وتفكيرها بأسوء صورة ممكنة فهي جاهلة وضيقة الأفق وفاسدة الأخلاق أو مسيطرة . و تظهر كزوجة وأم تابعة للرجل وليس لها علاقة بالشأن العام دون أي تقييم لعملها المنزلي أو موظفة في قطاعات نمطية تقليديا من اختصاص النساء, و إذا ما تم تقديم المرأة بصورة ايجابية و قيادية فلا تكتمل الصورة أبدا فإما أن تكون أم فاشلة وزوجة فاشلة وهذه نماذج غصت بها الدراما التلفزيونية " .
وظهر واضحاً التباين في نظر المشاهدين لشخصيات مسلسل ( باب الحارة ) النسائية منها بين
معارض ومؤيد لدرجة قال فيها بطل المسلسل الممثل عباس النوري لسيريانيوز " غالبية النساء و لو كن مثقفات كن يتمنين أن يكن مكان سعاد " .
وسعاد شخصية تمثل المرأة الدمشقية في زمن الاحتلال الفرنسي لسوريا , وقد أدتها الفنانة صباح الجزائري , وخلقت جدلاً كبيراً بين أوساط المشاهدين .

الرعاية الاجتماعية للضحايا
نعود لأنواع العنف , وتحديداً العنف النفسي , وما يتركه من آثار على المرأة قد تصل لحد الهرب من المنزل .
يخبرنا الدكتور محمد الحبش عن " وقف كان موجود في بلاد الشام باسم ( وقف النساء الغواضب ) والقصد أن المرأة قد لا تتعرض لعنف جسدي فقط , بل ونفسي أيضاً , لذا يجب أن تجد مكاناً يحترم أنوثتها " .
واليوم يحاول القائمون على الجمعيات والمنظمات الشعبية والأهلية مساعدة النساء اللواتي يحتجن للمساعدة . وعن دور
الاتحاد النسائي قالت السيدة هالة الأتاسي رئيسة فرع حمص " يقوم الاتحاد من خلال المكتب القانوني بتقديم المساعدة اللازمة بحسب الحالة التي تعرض علينا " .
أمّا في حالات الهروب من المنزل كحالة "
ريمان " أو " آلاء " فتبقى دور الرعاية ( على قلتها ) هي الملجأ الوحيد المؤتمن فيه عليهن , وإلاّ فالشارع هو ( البديل ) .
الأستاذ
إبراهيم عبد المولى مدير دار الضيافة بحمص وهو مدير للدار منذ عام 1951 وحتى اليوم , حمّل العنف مسؤولية المشاكل التي تحصل في الأسرة ومنها " جنوح الفتيات " .
من جهته الدكتور حبش نقل لسيريانيوز خبراً مفاده " أنهم بصدد الترخيص لدار النساء الغواضب" .

الاستقلال الاقتصادي يخفف
كثيراً ما كان العامل الاقتصادي يقف خلف العنف ضد المرأة , وحديث " ناهد " لسيريانيوز ذات يوم , وهي الطالبة الجامعية التي تعرضت للعنف الاقتصادي من رب العمل الخاص حين أرادها " سكرتيرة ومستخدمة وعشيقة بأربعة آلاف ليرة سورية " معيداً للذهن عهد الاستعباد , الذي كان قائماً في أزمان غابرة, نموذج حي على العنف الاقتصادي .
المحامية نهلا الزاهر وفي حديث لها مع سيريانيوز اعتبرت أن " الاستقلال الاقتصادي للمرأة يخفف من نسبة العنف ضدها , ولكنه لا يمنع وقوعه " .

مناهضة عالمية وتفاقم عربي
في العام 1999 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بواسطة القرار رقم 54 /134 يوم 25 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل سنة ،
اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة ، كما دعت بنفس القرار الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية لتنظيم نشاطات معدة خصيصا لزيادة الوعي بالمشكلة في ذلك اليوم .
بينما يميل الاتجاه عالميا /منظمات اهلية وحقوقية / لمضاعفة الجهود للتصدي لهذه الظاهرة وبكافة الوسائل ,فان
الأرقام المعلنة وغير معلنة لضحايا العنف من النساء في مجتمعنا السوري، تشير الى محدودية الفعل الرسمي والاهلي والحقوقي في القدرة على الحد من تفاقم الظاهرة.

أحمد ح صطوف - سيريانيوز – حمص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق