الخميس، 18 يونيو 2009

لقاء في عالية

لقاء في عالية


هكذا خرجت أمينة المفتي – وكما توقعت - منتصرة من حبسها، وتتسلمها السلطات اللبنانية التي رأت أنها بريئة، وأن الشكوك التي طالتها باطلة مجحفة. وأنها طبيبة عربية مخلصة لوطنها العربي . وكان أن خيرتها ما بين البقاء في بيروت أو مغادرة لبنان مع وافر الشكر ، فاختارت أمينة أن تغادر الى فيينا، وطالبت بوثيقة سفرها التي احتجزها الفلسطينيون.
لقد رأى أبو إياد وعلي حسن سلامة وأبو داوود، أن يسلموا أمينة للبنانيين احتراماً لسيادة الدولة اللبنانية، لكي لا تزداد الخلافات حدة، وتتصاعد في وقت كانت فيه الحرب الأهلية مشتعلة وفي طريقها لأن تدمر العلاقات الطائفية تماماً. لكن . . كانت لقاءات عديدة ومطولة قد تمت في عالية بين أبو إياد والشيخ بهيج تقي الدين وزير الداخلية اللبناني، لمحاولة الاتفاق على التعاون الأمني بينهما للحد من جيوش الجواسيس التي تجوب لبنان دون خوف. وفي اللقاء الأخير كان الوزير يجلس على الأرجوحة في حديقة منزله الصيفي وبيديه مسبحة طويلة يلعب بحباتها في هدوء، وهو يستمع بانتباه كبير الى ما يقوله أبو إياد:
إذا لم نتعاون يا شيخ بهيج فهناك خطر يهددنا ويهددكم معنا. إن التنسيق بين أجهزة الأمن اللبنانية وأجهزة أمن المقاومة أصبح أكثر من ضرورة . . لقد أصبح واجباً وطنياً.
ويوافق الوزير على كلام القائد الفلسطيني . . ويتابع القائد:
نحن على استعداد يا شيخ بهيج أن نضع معلوماتنا بتصرفكم. إن أجهزة رصدنا في الخارج وخاصة في أوروبا قوية، ونستطيع إذا تعاونا معاً أن نفسد أكثر من مخطط. فنحن لا نستطيع أن نعمل بمفردنا في لبنان، وأنتم لا تستطيعون العمل بمفردكم. علينا أن نتعاون.
ويوافق الشيخ بهيج مرة أخرى ويتابع أبو إياد:
أعذرني على صراحتي سيادة الوزير، فالقضية خطيرة . . خطيرة جداً وأخطر مما تتصور. فنحن عندما قبضنا بعد عملية فردان 1973، على الفرنسي إيف رينيه دي توريس صاحب مطعم – إيف لي ميشو - كانت معلوماتنا تؤكد بأنه ضالع في العملية، وأنه يعمل لحساب إسرائيل في لبنان. وبالصدفة . . كان ببيروت مخرج جزائري من المتعاطفين مع حركة المقاومة اسمه محمد بوضياء. ولأن بوضياء يتقن الفرنسية فقد طلبنا منه أن يساعدنا في التحقيق مع الفرنسي. وبعد أن كاد الفرنسي أن يعترف قامت علينا القيامة، واشتد الضغط واتهمنا بأننا نمارس سلطات الدولة اللبنانية. فاضطررنا الى إطلاق سراحه، وسلمناه الى السلطات اللبنانية مع ملفه الكامل لكي تتابع التحقيق معه، لكننا فوجئنا بإطلاق سراحه بعد 24 ساعة من تسليمه، وبالسماح له بمغادرة لبنان الى فرنسا. وبعد شهر واحد . . تسلمنا رسالة من بوضياء يقول فيها بالحرف الواحد (ليس من قبيل الصدفة أن أصطدم بالفرنسي دي توريس الذي حققت معه في بيروت، في كل مكان أذهب اليه في باريس . . ). وبعد يومين من تسلمنا الرسالة، أغتيل بوضياء في باريس بعبوة ناسفة في سيارته. وقبل أيام . . ألقينا القبض على طبيبة أردنية تؤكد معلوماتنا أنها تتعامل مع الموساد، ومن جديد . . قامت القيامة فسلمناها مع ملفها الى السلطات اللبنانية، ومن جديد . . سمح لها بمغادرة بيروت الى فيينا. لكننا . . سيادة الوزير الموقر. . . . نطلب منكم مهلة للتحقيق معها مرة أخرى. . مهلة بسيطة لن تستغرق أكثر من ثلاثة أيام سنطلعكم بعدها على ما انتهينا اليه.
لقد كان هناك رجل يحمل الأوراق المغربية، اعترف لنا اعترافات كاملة بأنه عميل لإسرائيل وجاء للبنان أكثر من مرة للتجسس على أخبار المقاومة. ولدينا ملفات عن أكثر من عشرين عميلاً يحضرون الى لبنان وينزلون في أفخم الفنادق على أنهم رجال أعمال، نحن نعرفهم واحداً واحداً، واسماً اسماً، ونعرف أنهم عملاء، ولا نطلب منكم أن تعتقلوهم أو تحققوا معهم، ولكن نطلب فقط منعهم من دخول البلاد. إنه إجراء بسيط سيدي الوزير، فنحن أيضاً لا نريد اعتقالهم حرصاً على السيادة اللبنانية، ولكننا في الوقت نفسه لا نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي وحياتنا مهددة بالخطر.
كان الشيخ بهيج تقي الدين يستمع الى أبو إياد في ذهول. وما أن أنهى القائد الفلسطيني كلامه حتى وافق الوزير فوراً على مطلبه لخاص باعتقال أمينة المفتي مرة ثانية، والبحث في أمر العملاء الآخرين تمهيداً لمنعهم من دخول لبنان.
وهكذا . . عادت أمينة داوود المفتي الى الجانب الفلسطيني، دون تدخل لبناني تحت أية ظروف في التحقيق.

شهادات من ضحايا التعذيب وذويهم

محمد سالم

15/2/2005

"الضابط محمد ضربني برجله في بطني من تحت، ماقدرتش أتحمل واتنيت على قدام كده ومسكت بطني، راح مدينى في ضهري بالجزمة، اترميت علي الأرض مش قادر أتحرك، قعد يشتم في ويضرب بعزم ما فيه عشان أقوم، حاولت أقوم عشان يبطل ضرب مش قادر وهو فضل يضرب في، بعدين شالوني رموني في الحجز. تاني يوم النيابة أمرت بالإفراج عني وأني أتنقل المستشفى، بس هو خلاني مرمى في الحجز من غير علاج ثلاث أيام. زمايلى في الحجز هم اللي كانوا بيساعدوني. واحنا رايحين النيابة الضابط محمد قال لي قول إنك قزحت من العربية وهي ماشية وإلا هاعتقلك. خفت و قلت حاضر. كنت فاكره هايسيبنى أخرج. لما النيابة جت لي تانى في المستشفى قلت لهم الحقيقة وإني كان مضغوط علي. هو راح لأهلي و قال لهم من ألف لميت ألف أعالجه بس يتنازل. أنا عارف مش هايعالجني ولا حاجة لما أتنازل، ولسه زمايلي حاجزهم في القسم وبيهددهم يعمل لهم أمر اعتقال. أنا هاعمل العملية هنا في المستشفى بس لما نخلص إجراءات نفقة الدولة. الدكاترة قالوا لي إن كان فيه حقنة لو كنت أخدتها أول أربعة وعشرين ساعة ماكانتش حالتي بقت كده."

http://www.hrinfo.org/egypt/nadeem/2005/pr0215.shtml

خالد عبد النبي حسن، 17 سنة

13/3/2004 نقطة الفنار، فايد

"كنت ماشي مع أمي مروحين بيتنا وقابلني المخبر سعيد وقالي أنت اللي سرقت سلوك الكهرباء الخاصة بالعواميد وقبض علي واقتادني الي نقطة شرطة الفنارة ونزل علي هو والمخبرين بالخرزانه وقاموا بتعليقي كالذبيحة من رجلي وأغمي علي وكنت زى النايم في غرفة الحبس ولقيت النار مولعة في قميصي وبعدين أخذوني علي مستشفي فايد التي رفض المسئولين فيها دخولي وحولوني علي مستشفي الجامعة ومنها رجعني رئيس المباحث علي مركز شرطة فايد وقال لي انتوا أسرة غلبانه ولما يسألوك في النيابة علي اللي حصل تقول أن أنت عليك حكم والمخبرين كانوا هيمسكوك في الشارع وأنت حاولت تهرب ووقعت في حفرة فيها قمامة مشتعلة وعلشان كدة جسمك أتحرق وحط بصمة صباع ايدي علي ورقة بيضاء وبعد كده ودوني مستشفي الجامعة بالإسماعيلية حتى يوم 21/3 وكان حاطط كلبشات حديد في رجلي ومقيدني في السرير وبعد كده جت النيابة ومن كثرة خوفي علي نفسي وعلي والدي انا قلت اللي هو طلبه مني وبعدين مستشفي الجامعة رفضوا استمرار وجودي وقال ان المستشفي ليست مجهزة بحراسات أمنية وخرجوني من المستشفي ورحت مستشفي فايد حتى حرر مأمور قسم شرطة فايد خطاب يفيد بانني لست مطلوبا ولا يستلزم وجود حراسة أمنية علي وبموجب هذا الخطاب استطاعت أهليتي ان يدخلوني مستشفي الجامعة مرة ثانية, المهم اني دلوقتي أنا نفسي أقول الحقيقة واثبت حقي علشان حرام اللي حصل ده". http://www.hrinfo.org/egypt/ahrla/pr041103.shtml

حسام السعيد عامر، 39 سنة

قسم شرطه الأزبكية 8/10/2003

"أثناء قدومي من المنصورة إلى القاهرة بواسطة ميكروباص وبعد دفع الأجرة فوجئت بالسائق يدعي أنني قد دفعت له مبلغ خمسون جنيها مزورة وطلب مني دفع مبلغ مائة جنيه حتى يتركني وقام باستدعاء اثنين من المتواجدين في موقف رمسيس مما دفعني إلى التوجه إلى قسم الأزبكيه بصحبه السائق والاثنين الذي تم استدعائهم وداخل قسم شرطة الأزبكيه فوجئت بالحفاوة التي قوبل بها السائق ومن معه وعندما اعترضت علي ذلك قام اثنين من الضباط المتواجدين بالنوبتجية بالاعتداء علي بالضرب وركلي بالقدم وتم تحرير محضر ضدي بتزوير الخمسين جنيها وقام السائق ومن معه بالشهادة ضدي وتم إحالتي إلى النيابة العامة بواقعة التزوير وفي النيابة أخبرت وكيل النيابة بما حدث معي من ضباط القسم وفوجئت بقيام الشهود بالاعتراف بالحقيقة واقروا أنهم لم يشاهدوني ومعي المبلغ المزور وان ضباط القسم أجبروهم علي الشهادة ضدي لأنهم اعتدوا بالضرب والتعذيب علي وأنني قلت لهم سوف أشكيكم لرئيس الجمهورية. قيدت تحت رقم 130/2003 حصر تحقيقات تزييف أموال وطلبت عرضي علي الطب الشرعي لإثبات الإصابات التي لحقت بي من جراء التعذيب وجاء التقرير الطبي الذي اثبت صحة أقوالي وتوافقها مع أقوال الشهود مما دعي النيابة العامة إلى حفظ القضية الخاصة باتهامي بتزوير الورقة المالية وقررت نسخ صورة طبق الأصل من القضية عن واقعة استعمال القسوة ضدي وقيدت تحت رقم 1472/2004 إداري الأزبكية ضد ضباط الشرطة." http://www.ahrla.org/new/korasat/aldhaya.html

محمد عبد القادر سيد أمين، 31 سنة

21/9/2003 مباحث أمن الدولة بقسم شرطه حدائق القبة

"حيث أنه قد تم استدعائي وشقيقي (محمد عبد القادر السيد) من قبل مباحث أمن الدولة بحدائق القبة وذلك بتاريخ 14/9/2003 مما دعانا للذهاب إلى قسم حدائق القبة للاستعلام عن سبب الاستدعاء فما كان من ضباط أمن الدولة ألا القبض علينا وتعذيبنا وظللنا بالقسم حتى تاريخ 21/9/2003 حيث تم الاتصال بأهلنا وطلبوا منهم الحضور للقسم لاستلامنا وعند قيام أهلي بالذهاب إلى القسم فوجئوا بضباط أمن الدولة يخبروهم أن شقيقي محمد (الضحية) قد توفي وهو الآن بمشرحه زينهم وبذهاب أسرتي لمشرحه زينهم شاهدوا جثه أخي وما عليها من أثار للتعذيب مما دعاهم إلى تحرير المحضر رقم 8145/2003 إداري حدائق القبة ضد ضباط الشرطة وتم تحويل الجثة إلى الطب الشرعي الذي جاء تقريره ليؤكد أن وفاة شقيقي نتيجة التعذيب بوسائله المختلفة من ضرب وصعق بالكهرباء وأن الوفاة حدثت نتيجة الصعق بالكهرباء وقد قامت النيابة بطلب النقيب اشرف صفوت لمواجهته بما جاء بالتقرير الطبي لأنه قد سال في بداية المحضر وقرر أنه المسئول عن الضحية وأنه قد أصيب بحالات مغص ونوبات من الصرع وتوفي نتيجة ذلك ولكنه لم يمتثل لطلب النيابة مما دعى النيابة إلى إصدار قرار بضبط وإحضار النقيب أشرف صفوت ورغم ذلك لم ينفذ أمر الضبط والإحضار ووصل عدد أوامر الضبط والإحضار إلى ثلاث أوامر بضبط وإحضار النقيب أشرف صفوت من ضباط أمن الدولة وما زلنا في انتظار تنفيذ أي منهم." http://www.ahrla.org/new/korasat/aldhaya.html

أحمد خليل إبراهيم

2/10/2003 قسم شرطه الجمرك

"ألقى رجال مباحث قسم الجمرك القبض على أحمد واقتادوه إلى قسم الشرطة وألقوا به في حجرة المباحث وكان يوجد في تلك الحجرة عدد من المحتجزين وكان الضحية مقيدا بقيد حديدي وحبل من الخلف وفي الواحدة والنصف ظهرا حضر معاون المباحث وأمر رجال الشرطة السريين والمخبرين بتعليق أحمد ومنع الأكل والشرب ودورة المياه عنه وتعصيب عينيه وفي العاشرة مساء نفس اليوم شاهد مواطن الضحية وهو معلق ويداه مربوطتان بحبل من الخلف وأكتافه مربوطة بالحبال ومعلق في السقف وحلقه في الجدار واحد قدميه مربوطة بحبل في القفص الحديدي الموجود في الغرفة وكان المجني عليه يصرخ صراخا شديدا وأن هناك شاهدان من القسم خرجا منه وذهبا إلى أهل الضحية وأخبروهم أن ابنهم لن تمر عليه تلك الليلة وظل الضحية معلقا بهذه الصورة حتى اشتد صراخه وأمر الضابط تكميم فمه فوضع أقمشة تحت الحبال أسفل إبطه لان الدماء سالت منها وتوجه مخبر سري واسمه صبحي وضربه في رأسه ورقبته وفي الساعة السابعة والنصف مساءا كان الضحية قد فارق الحياة فاحضروا طبيب من مستشفي رأس التين في محاولة لإفاقته إلا أن الطبيب قد قرر أنه قد فارق الحياة ورئيس المباحث حرر محضر أنه في يوم 2/10/2003 أثبتت التحريات السرية أن الضحية أحمد مرتكب جريمة سرقة واستصدر إذنا من النيابة العامة بالقبض عليه وأنه بتاريخ 3/10/203 تم القبض على الضحية الذي فر هاربا وظل يتخبط بالسيارات وهو يجري إلا أن المباحث استطاعت السيطرة عليه والتحكم وربطه بالحبال لأنه كان في حالة هياج شديدة، واقتادوه إلى القسم وبعد فترة سكت واكتشفوا أنه توفى إلى رحمة الله، وتم انتقال رئيس النيابة لمعاينة الجثة ومناظرة ما بها من إصابات." http://www.ahrla.org/new/korasat/aldhaya.html

جمال راضي صالح؛ خالد راضي صالح؛ عماد سعد لطفي؛ محمود سعد لطفي؛ محمد جمال راضي؛ يحيي جمال راضي؛ إيمان سعد لطفي؛ مني مصطفي محمود؛ نبوية سعد راضي؛ أسماء سعد لطفي.

11/10/2003 قسم شرطه حلوان

"...حاولنا مرارا إفهام الضباط بأنه لا توجد ثمة أي علاقة بيننا وبين المتهم الهارب وانه لا يقيم معنا ولا يتردد علينا منذ أكثر من عشرة سنوات وليست لدينا أي معلومات تفيد التحقيق. ولكن رجال المباحث ومعاونيه أصروا علي إلقاء القبض علينا واقتيادنا إلى ديوان نقطة شرطه زهراء حلوان وظللنا محجوزين هناك حتى مساء اليوم التالي وبعد ذلك تم نقلنا إلى مقر وحدة مباحث قسم حلوان وبداخل الوحدة قام الضباط والأمناء بالقسم بتعذيبنا بأشد أنواع التعذيب بدءا من الضرب بالكرباج والصعق بالكهرباء وتعليق الرجال والنساء منا مرورا بهتك عرض الرجال والنساء أمام بعضنا البعض وخلع ملابس الرجال والنساء الخارجية والداخلية عنوة وتجريدنا تماما من ملابسنا عاريات تماما ثم هتك أعراض النساء والمساس بأجسادهن وملامسة مواضع العفة منهن بطريقه وحشية وإجرامية تفتقر إلى الآدمية وتتنافي مع كل الشرائع السماوية. وظللنا محتجزين لمدة حوالي أربع أيام استمر فيها التعذيب وهتك العرض حتى تم الإفراج عنا في 14/10/2003. وبعد الإفراج عنا توجهنا ألي النيابة العامة وحررنا محضر عن تلك الوقائع برقم 10617/2003 إداري حلوان والذي ثبت من خلال التحقيقات التي أجريت بمعرفة النيابة العامة مدي بشاعة وجسامة وقائع التعذيب وهتك العرض وتم إرسالنا للطب الشرعي لإثبات ذلك. كما توجهنا إلى النيابة العسكرية الخاصة بأفراد الشرطة المشكو في حقهم وصدر قرار السيد الأستاذ رئيس النيابة العسكرية بضبط وإحضار أفراد الشرطة المشكو في حقهم ألا انه لم يتم تنفيذ قرار النيابة العسكرية والذي مضى علي صدوره حوالي ثلاثة أشهر ولم ينفذ حتى الآن . ولم يقف نزيف الاعتداءات والانتهاكات التي وقعت علينا بل امتد الأمر ليصل إلى التزوير والتلفيق بتحرير محاضر كيدية غير صحيحة." http://www.ahrla.org/new/korasat/aldhaya.html

سيد مصطفي موسى، 36 سنة

15/2/2004 مركز شرطة أوسيم

"تم القبض علي شقيقي (الضحية) من قبل مركز شرطه أوسيم لاتهامه في قضية إصدار شيك بدون رصيد محكوم فيها ضده غيابيا بالحبس سنتين مع الشغل وظل محتجزا بمركز شرطه أوسيم تحت أمرة ووصاية رجال المباحث الذين قاموا بتعذيبه والاعتداء عليه بالضرب في جميع أنحاء جسده. وقد نتج عن هذا التعذيب إصابة أخي في قدمه اليسرى بتورم في الأوردة نتيجة لهذا التعذيب الذي استلزم ضرورة نقله إلى مستشفي أوسيم العام بتاريخ 19/3/2004 لعلاجه من الإصابات التي ألمت به وتم تقديم الإسعافات الأولية لأخي وإعادته مرة أخري إلى مركز شرطه أوسيم . وفجر اليوم التالي 20/3/2004 توفي شقيقي أثناء تواجده بغرفه حجز مركز شرطه أوسيم وتم نقل الجثة بمعرفة مركز شرطه أوسيم إلى مستشفي أوسيم العام وتم إبلاغنا بواقعة الوفاة. الأمر الذي حذا بي إلى إبلاغ نيابة مركز امبابة بوجود شبهه جنائية في وفاه شقيقي واتهم مباحث مركز شرطة أوسيم بالتسبب في الوفاة وقد أمرت النيابة العامة بعرض جثة المجني عليه علي مصلحه الطب الشرعي بمشرحة زينهم لبيان سبب الوفاة." http://www.ahrla.org/new/korasat/aldhaya.html

مبروكة إبراهيم مصلحي 57 سنة

17/9/2003 قسم شرطه كفر شكر

"أنه أثناء تواجدي بالبيت دخل علي ضابط المباحث وسألني عن ابني وكان معه عدد من أمناء الشرطة وشتموني وبعدين لقيت الضابط ياسر صبحي ضربني بالكرباج ومسك هدومي من قفايا وقام برفع ملابسي كلها حتى منتصف ظهري أمام الناس وجسمي اتعرى ولقيت الضابط بيقول أنا لازم أفضحك وأزلك أمام أهل البلد وراح مركبني البوكس وقال لاثنين من المخبرين........... لحسن جوزها مش عارف......... وواحد من المخبرين اللي كانوا مع الباشا وأنا ماعرفوش مد أيده علي جسمي من الخلف وأنا رافعه ملابسي." http://www.ahrla.org/new/korasat/aldhaya.html

باهر عبد الرءوف زكي احمد، 17 سنة

8/2/2004 قسم شرطه العمرانية

"أثناء تواجدي بحجز قسم شرطه العمرانية حدثت مشادة بيني وبين أحد المحبوسين قام علي أثرها ضابط شرطة يدعي ياسر ضرغام بالتعدي علي بالضرب بواسطة شومة وقام بتعليقي في الباب مما أحدث بي العديد من الإصابات في وجهي. وفي اليوم التالي أثناء عرضي علي المحكمة في قضية سرقة طلبت من المحكمة إثبات الإصابات ألا أنها رفضت وأثناء عودتي لسيارة الترحيلات قام أمين شرطة من قسم شرطة بولاق الدكرور بالتعدي علي بالضرب بواسطة زجاجه مياه غازيه ممتلئة مما أدى إلى انفجار تلك الزجاجة في وجهي فأحدثت جروح في وجهي بطول 10 سم و6 سم, فطلب وكيل النيابة من الحرس إعادتي إلى قسم العمرانية رغم أني كنت انزف بشدة ورفض وكيل النيابة إثبات الواقعة في محضر رسمي. وفي حجز القسم ظللت أنزف لمدة 6 ساعات مما أدى إلى تدهور حالتي الصحية، فما كان من ضباط القسم إلا الاتصال بسيارة الإسعاف وتم نقلي إلى مستشفى أم المصريين وتم عمل جراحة عاجلة لي." http://www.ahrla.org/new/korasat/aldhaya.html

فايز عبده محمد إسماعيل، 50 سنة

6/8/2003 مركز قليوب

"حيث انه أثناء قيام أخي باستقلال دراجته وحال عودته لمنزله الكائن ببلدة خلوة البردعة بمركز القناطر الخيرية اعترض طريقه أمين شرطه يدعي محمود محمد عبد الهادي وقام بإخراج سلاحه الأميري أطلق عليه النار مما أدى إلى أصابته في صدره وتوفي في الحال." http://www.ahrla.org/new/korasat/aldhaya.html

منصور عبد العزيز محمد، 20 سنة

29/5/1998 قسم السلام

"حيث قام الضابط وائل طاحون معاون مباحث بالقبض علي ابني منصور وحرر له المحضر رقم 4711/98 إداري السلام وأن ابني كان قد توجه للقسم للسؤال عن شقيقته المحتجزة بقسم الشرطة بحكم غيابي في إيصال أمانة وقد طلب ابني من الضابط أن يترك شقيقته لعمل معارضه في الحكم إلا أن الضابط قام بالاعتداء عليه بظهر الطبنجة في مؤخرة رأسه وظل يتعرض ابني للضرب لمدة يومين متتالين حتى سقط مغشيا عليه وتوفي نتيجة هذا الاعتداء والضرب المبرح من الضابط المذكور وقد أجبرني الضابط على التنازل عن الواقعة حتى لا يقوم بتحرير محاضر ملفقة ضد باقي أبنائي أو يصدر لهم قرارات اعتقال وقد قمت بالتنازل عن المحضر ألا أنني تقدمت مرة أخرى للعدول عن هذا التنازل إلى نيابة السلام وطلبت التحقيق في الواقعة." http://www.ahrla.org/new/korasat/aldhaya.html

محمد عبد الستار الروبي، 27 سنة

12/9/2003 مباحث أمن الدولة بالفيوم

"...فوجئنا بتاريخ 9/9/2003 بقيام أمن الدولة بالفيوم باقتحام منزلنا والقبض على أحمد عبد الستار الروبي وهو طالب بكلية العلوم جامعه الأزهر وقاموا باقتياده إلى مقر مباحث أمن الدولة بالفيوم دون سبب أو سند لذلك. وبتاريخ 12/9/2003 تم القبض على المرحوم محمد عبد الستار الروبي وهو يعمل مهندس بشركه توزيع كهرباء شركة الصعيد واقتادوه أيضا إلى مباحث أمن الدولة بالفيوم وبتاريخ 14/9/2003 فوجئنا باتصال تليفوني عن طريق أحد أعضاء الحزب الوطني بالقرية ليخبرنا بضرورة حضور والد الضحية إلى مباحث أمن الدولة بالفيوم لاستلام أحد أولاده، وفوجئ بضباط المباحث يصطحبوه لاستلام جثة ابنه من مشرحة المستشفى العام بالفيوم وأخبروه بان ابنه قد انتحر ولصدمته لم يستطع مشاهده جثة ابنه والتي شاهدها ابن عمه وكذا خاله وشاهدوا بها تشوهات في جمجمة الرأس وجروح قطعيه بمنطقه الرقبة خلف الأذن ورفض الأب استلام جثه ابنه إلا أن مباحث أمن الدولة قامت بتهديده بأنهم سوف يفعلون في ابنه الآخر المعتقل أحمد عبد الستار مثلما حدث للمجني عليه وقد قام الأب باستلام جثه ابنه." http://www.ahrla.org/new/korasat/aldhaya.html

سامح عبد القادر السيد، 27 سنة

14/9/2003 قسم شرطه حدائق القبة

"تم استدعاء ابني من قبل مباحث أمن الدولة بقسم شرطه حدائق القبة بتاريخ 14/9/2003, وذهب ابني لهم في يوم 16/9/2003 هو وشقيقه محمد وتم تعذيبهم من قبل ضباط مباحث أمن الدولة وبتاريخ 21/9/2003 تم الاتصال بي للحضور إلى قسم شرطة حدائق القبة لاستلام احد أبنائي وعندما ذهبت عرفت أن ابني محمد مات من التعذيب وتم نقله إلى مستشفي الساحل وهددوني أنه إذا أخبرت أي حد بذلك لن أري سامح ابني مرة أخري وبعد ذلك أنا عرفت أنهم أصدروا قرار اعتقال لابني سامح وأصبح ابني الأكبر قتيلا من جراء التعذيب الذي تعرض له وابني الآخر معتقل في مباحث أمن الدولة ولازال معتقلا حتى الآن." http://www.ahrla.org/new/korasat/aldhaya.html

أحمد حسين رشدي، 43 سنة

22/9/2003

دائرة قسم الجيزة محافظة الجيزة "كنت قاعد في ورشة في شارع البحر الأعظم وبعدين لقيت شرطة (عربيه أتاري) جت عند الورشة وبيسألوا عن ابني الصغير ونزل منها أحد الضباط وأخذ يلقي بالشتائم للحتة وكل اللي فيها وقال يا حتة مافهاش راجل ونظر أحد الأمناء المرافقين للضابط علي ابني الذي كان يجلس بداخل الورشة وقال له قوم ياد يا ابن .....! وقال له هات بطاقتك وأنا قلت له ده ابني يا باشا فقام أمين الشرطة بضربي وكذلك الضابط قام بضربي على عيني بالبوكس ونزل كل اللي في العربية وقاموا بضربي ودخلوني في العربية وكل ده كان أمام الجيران واللي ضربني هو الضابط محمد البطران من الدورية الراكبة من قسم الجيزة وأمناء الشرطة وبعدين مشى بالعربية ووقف تحت الكوبري الدائري للمنيب وقاموا بإنزالي وقيدوني بالحديد وقعدوني علي الأرض وفضل الضابط محمد البطران يضربني وأنا مكلبش وذلك كان بحديدة سوداء وضربني في كتفي وعيني ورجلي ولفق لي محضر سيجارة بانجو ولما اتعرضت علي النيابة طلبت توقيع الكشف الطبي علي وهو أفاد بوجود كدمة بلون أزرق أسفل العين اليسرى وكدمة أعلى الكتف الأيسر علي شكل نصف دائرة وأن هذه الإصابات ذات طبيعة رضية حدثت من الإصابة بجسم أو أجسام صلبة" http://www.ahrla.org/new/korasat/aldhaya.html


http://www.hrinfo.org/egypt/nadeem/pr041124.shtml

ملحوظة: ليلة أمس، الثلاثاء الموافق 23 نوفمبر، وأثناء تحضير هذا التقرير في صيغته النهائية نما إلى علمنا أن شابا آخر ممن قابلناهم في تلك الزيارة تم اعتقاله من قبل مباحث أمن الدولة.. حيث أمضى يومين معصوب العينين، تعرض خلالهما لصنوف بشعة من التعذيب.. وهو يرقد الآن في أحد مستشفيات الجمهورية حيث يعاني من شلل نصفي في جانبه الأيمن وفقدان البصر والقدرة على الكلام.

اليوم الأول

ثاني أيام عيد الفطر 15 نوفمبر 2004

العريش

ثاني أيام العيد.. لكن شوارع العريش خالية من الأطفال.. خالية من النساء.. خالية من أي مظاهر للعيد.. خالية من أي مظاهر الحياة الطبيعية.. 140 سيدة تم القبض عليهن كرهائن.. تصريح على لسان مسئول أمن سيناء (شمال وجنوب) يقدر عدد المعتقلين بـ 2500 معتقل ومحتجز (دون حساب الرهائن).. جاء هذا في حديث مع المشايخ وأعضاء المجلس المحلي ومجلس الشعب.. تم الإفراج عن 320 من الرهائن ليلة عيد الفطر، أغلبهم ممن وردت أسماءهم في بيان اللجنة الشعبية لحقوق المواطن بسيناء. كل من تم الإفراج عنهم تم تخويفهم وأمرهم بعدم الاتصال بمنظمات حقوق الإنسان.. النقاب ينزع من على وجوه النساء في الشوارع.. لم تعد هناك نساء يسرن في الشارع وحدهن.. الرجال حلقوا لحاهم خوفا من الاشتباه.. قصص التعذيب تتراوح ما بيم التعليق من خلف وشد الرجلين بالحبال، كهرباء توصل عن طريق مشابك تربط في أصابع الرجل.. عصي لها طرفين في نهايتها تشبه ولاعة البوتاجاز لها ثلاث مفاتيح.. توضع على المناطق الحساسة وتتسبب في سيحان الجلد ويخرج منها رائحة الجلد المشوي.. لم يتركوا أحدا.. اعتقلوا حتى المعاقين عقليا.. الأسئلة التي وجهت للناس: بتحب أمريكا؟ باتحب اسرائيل.. أيه رأيك في عملية طابا؟ بتصلي فين؟ بتعرف مين؟ إيه رأيك في عمرو خالد؟ في الشيخ كشك؟ يقول المفرج عنهم أن بعضا ممن حضروا التحقيق كانوا حمر الوجوه حليقي الرأس يرتدون نظارات سوداء ولا يتكلمون.. كانوا يهجمون على المساجد.. يضعون أكياسا سوداء على رؤؤس المصلين ويأخذوهم في البوكسات.

# الزيارة الأولى

أحد الرجال المفرج عنهم

كنت نايم الساعة 6 الصبح، لقيت البوليس فوق راسي.. والبيت متلغم صباط وعساكر.. لقيت ابن أخويا معاهم ومتكلبش.. سألت فيه إيه؟ قالوا جايين نسأل عن ابن أخوك (هـ)، هو فين؟ ما أعرفش. عاوزين نفتش. قلت اتفضلوا.. فتشوا كل حاجة.. وأخدوا صندوق وثائق فيها كل شغلي وكل الحجج وممتلكات العيلة من أيام جدود جدودي وشهادة الجيش، ورخصة العربية.. ما حدش سألني حاجة، غير فين أخوك؟ فين مرات أخوك؟ فين أبن أخوك؟.. أخدوني على أمن الدولة في العريش.. شتمني بأمي.. قال لي يا ابن القحبى.. اتجننت.. صرخت قلت لهم أمي جزمتها أشرف منكم كلكم.. ضربوني بالعصاية عشر ضربات على راسي.. لقيت جوه 200 أو 300 بني آدم.. رجاله بتصرخ وبنات بنوت بتصرخ.. حاجة ولا في أفلام الرعب.. ولا السيما.. شفت مرة بترضع ابنها.. جت لي حالة هياج.. قعدت أشتم.. ضابط منهم قال: ده شرس،ما يقعدش هنا.. بعد عشر دقايق أخدوني على مصر.. ما كنتش عارف.. كنت فاكر هيروحوني.. أخدونا على سجن طره.. كان معايا تقريبا 125 شاب.. كانوا ست عربيات ترحيلات.. 20 يوم ما حدش كلمنا.. غموا عنيه.. اسمك ايه؟ اسمي فلان.. قلت لهم ده احنا فدائيين سينا.. وأبويا معاه نجمة سيناء.. احنا بنشتغل في العقارات.. سألوني بتعرف الشيخ فلان؟ قلت لهم ده ابن أخويا. سألوني مين فلان؟ قلت لهم ده ابن أخويا.. ابن أخويا تقي وبيعرف ربنا .. سألوني عن واحد اسمه إياد وواحد اسمه حميد.. وقعدوا يسألوني عن أسامي كتيرة لناس أنا ما أعرفهاش.. المعتقلين هناك قالوا لنا ان فيه ناس عاملة دوشة كبيرة عليكم وأنه هتاخدوا إفراج

في أمن الدولة في العريش كان الصريخ والصوات من كل مكان.. رجاله وحريم.. شتموني رديت عليهم.. قعدت هناك 10 دقايق بس شفت فيهم الويل.. شفت التعذيب على ناس تانيه بس.. شفت بعنيه رجاله بزازهم سايحه.. كهربوهم في بزازهم وفي حتت تانيه من جسمهم.. عمري في حياتي ما شفت حاجة زي كده ولا في الأحلام الصوات كان من كل الاتجاهات، من يميني وشمالي ومن ورايا وانا قعدت 10 دقايق بس.. أنا فدائي.. أموت أموت، وأعيش أعيش بس بكرامتي..

إحنا رحنا طره.. اللي جم بعدنا أخدوهم على دمنهور.. سألت فيه إيه؟ ليه إحنا هنا.. 20 يوم قافلين علينا تماما.. حققوا معانا من الساعة 10مساء في مزرعة طره لحد الفجر.. كانوا بياخدونا واحد واحد واللي يطلع يدخل مكان تاني لحد اللي بعده ما يدخل التحقيق.. بالليل كانوا بياخدوا ناس مننا على لاظوغلي.. منهم ناس بياخدوهم هم وإخواتهم وأولاد عمهم مع بعض.. ضربوهم لما موتوهم.. ولفوهم في بطانية ورموهم في مخزن الشنط بتاع الأوتوبيسات عشان يرجعوهم على طره.. في لاظوغلي كمان أخدوا دم منهم.. كل اللي راح لاظوغلي رجعوا ما عدا الحاج. كانوا بيكهربوا الناس.. جلدهم كان بيسيح.. كانوا بيعلقوا الناس ويعلقوا أنبوبة بوتاجاز في رجليهم واللي مش معلقين أنبوبة بوتاجاز في رجليه كانوا بيشدوا رجليه بالحبل.. الـ120 اللي طلعوا معايا اتعذبوا لما ماتوا هنا قبل الترحيل.. في طره جابوا لنا دكتور وأدونا علاج.. في الترحيلة كان فيه 15 ست تزلوا في القناطر غالبا، قرايب الحاج فليفل (من قرية الميدان عند مدخل العريشمتهم في أحداث طابا) أخدوا كل القرية ستات ورجاله وأطفال (5 أطفال).. مرات ابن أخويا سلمت نفسها عشان يخرجوا أخوها الصغير.. كانوا واخدينه بدل أخوه الكبير.. قعدت هي وهو خمس أيام وبعدين خرجوها. (تم القبض على سبعة أشخاص من هذه العائلة من بينهم سيدة)

الأم (الحاجة)

جم وش الصبح.. بالرشاشات والمسدسات.. فتشوا البيت والدواليب.. سألوا عن (م) ومراته.. قلنا لهم ما شفناهمش من يوم ما فطروا معانا في أول يوم رمضان.. أخدوا الولد الصغير لحد ما (م) يسلم نفسه.. وأخدوا أخوه.. الناس خايفه.. البنت راحت سلمت نفسها عشان يسيبوا أخوها الصغير.. خلوهم خمس أيام عندهم وبعدين خرجوهم.. كانت حامل في أربع شهور أو تلات شهور.. بعد ما خرجت رمت حملها.. حتة لحمة صغيرة عمرها ييجي أربع شهور.. العيال بقت بتصرخ والنسوان خايفه.. حتى الرجاله حلقوا دقونهم.. كانوا يمسكوا الراجل من دقنه يشدوها يطلع الشعر في ايديهم ومعاه الدم عليه.. حسبي الله ونعم الوكيل.

# الزيارة الثانية

انقسمنا إلى مجموعتين.. مجموعة جلست مع النساء والأخرى مع الرجال في دور منفصل من منزل الأسرة.. في الدور الأول كانت النساء.. حوالي عشرة من النساء.. بعضهن متزوجات من أخوة.. تبقى من الإخوة اثنان فقط خارج المعتقل.. تم القبض على ثلاثة منهم.. واحد لديه خمس أطفال والثاني أربعة والثالث اثنان منهم طفلة وليدة كان يوم زيارتنا هو يوم سبوعها.. عشرة أو أكثر من النساء وعدد لا يحصى من الأطفال.. ثلاثة منهن فقدوا رجالهن لرجال الأمن.. هناك إشاعة تقول بأن أحدهم مات تحت التعذيب.. لم يروا أزواجهن ولا يعرفن مكانهم

- اتصلوا بيه وقالوا له الورشة اتسرقت والعسكر قدام الورشة ولازم يروح.. راح فأخدوه.. مش عارفين مكانهم لحد دلوقتي.. من بعدها جم البيت.. العيال كانوا نايمين قاموا مرعوبين.. كان فيه حوالي عشر عربيات في الشارع.. و2 ميكروباص.. كسروا الأبواب ودخلوا بالرشاشات.. لابسين أسود ووشوشهم متغطية بالأسود مش باين إلا عنيهم.. ورافعين الرشاشات..

- أنا كنت في الأوضة وسمعت الدوشة.. كنت بأغطي راسي قبل ما أخرج لقيت الباب بيتفتح.. حاولت أزق الباب لحد ما ألبس لقيت الباب انكسر في وشي وخبطني في عيني.. كان وشي كله أزرق (لا تزال آثار الكدمات واضحة على نصف وجهها الأيسر) ما رحتش للدكتور.. خفت.. خايفين نطلع الشارع.. من وقتها بيبهدلوا الناس في الشارع..

- كسروا الباب ودخلوا.. مفيش احترام لحرمة بيت ولا لنسوان.. مسكوا الاتنين وربطوهم ونيموهم على الأرض ووشهم للأرض.. بعدين أخدوهم.. انا قعدت أجري في الشقة من الخوف حط الرشاش في راسي وقال لي بلاش دوشة..

- الولاد كانت عماله تصرخ من الرعب.. الولاد لحد النهارده مش راضية تطلع الشقة من الرعب

- كان فيه كمية عربيات في الشارع وكل عربية فيها فرقة ورتبة

- عشرين سنة واحنا تحت احتلال اليهود ما حدش عمل فينا كده.

وفي الدور الثاني كان الرجال

استقبلنا شيخ كبير في السن بجانبه ابنه الأكبر..

الشاب يحكي:

سمعت دوشة جامدة.. كسروا الباب وفجأة لقيت رشاشات وآشعة ليزر وناس ملثمين أسود في أسود.. مراتي صرخت هم اليهود رجعوا تاني.. صرخوا هم: احنا الحكومة .. نام على بطنك وخبطوني في وشي.. سألوا: فين (م).. أخدوا (م) ومشيوا.. تاني يوم حد اتصل بأخويا التاني وقال له الحق الورشة انكسرت واتسرقت.. راح أخويا وما رجعش.. عرفنا بعد كده ان البوليس كسر باب الورشة وفتشها والورشة لحد دلوقتي عليها حراسة..

يضيف الأب الشيخ:

زمن الاحتلال خبيت عندي سبع عساكر مصريين و2 ضباط.. خبيتهم لمدة 20 يوم وساعدتهم يهربوا ولحد النهارده بيتصلوا بي.. احنا نتحمل كل ده ليه من الحكومة؟ .. ده الاحتلال ما عملش فينا كده.. هو فيه إيه؟

# الزيارة الثالثة

أحد الأبناء المفرج عنهم

يوم 7/11 الساعة 2 الصبح سألوا علي ما كنتش موجود في البيت.. أخدوا أخويا.. رحت الأمن الصبح.. قلت لهم أنا جاي مكان أخويا.. أخدوني وما طلعوهوش لحد دلوقتي.. من 9بالليل يبدأ التحقيق والتعذيب.. نطلع فوق.. الضرب والسب.. مش هتتكلم؟ تعرف مين؟ ٍالني كان سؤال، سألني عن أخويا. طب أخويا عندهم هأعرف إزاي.. مش هتتكلم؟ طيب خدوه! كنا متغميين.. جردوني من ملابسي تماما وربطوا ايديا ورجليا علقوني من ايديا وانا واقف على الترابيزة بعدين رفسوا الترابيزه بعيد وسابوني متعلق وهم بيشدوني من رجليا.. ست ساعات.. وهم يعلقوني وكهربوني.. وأنا متعلق ثبتوا مشابك في صوابع رجليا وكهربوني.. كنت مربوط.. جسمي بيرجف ومش عارف اتحرك.. بعد شويه ما كنتش حاسس بالكهربا من كتر الألم في دراعاتي.. كان جسمي بيترج يمين وشمال من الكهربا وأنا متعلق.. بعدين رموني على الأرض.. كان عليها ميه وكانت بتكهرب.. بعدين علقوني تاني.. وطول الوقت ضرب في بطني ورجلي.. علامات التعذيب لسه باينه على ضهري وايديا زي ما تكون محروقة (شاهدنا على المعصمين شريطين من الجلد المحروق، بعضه لازال محتقنا، بعرض 4-5 سم).

سألني عن أسامي.. كان معايا حوالي 40 واحد.. اللي خرجوا معايا 15 من مجموعتي.. اللي ما اتعذبشي هو اللي أخدوه عشوائي.. شويه كهربا وشوية ضرب وبس.. لكن فيه ناس اتعذبوا تلات أو اربع مرات.

هاني أبو شتيته خلعوا ضوافره وكسروا رجليه.. لما سألنا عليه قالوا نقلناه مستشفى العريش.. بس ما حدش هناك راضي يقول حاجة.. الناس خايفه.. أنا ايديا زي ما أنتم شايفين.. مش عارف أعمل حاجة لنفسي.. ولا حاجة". الأخ الرهينة أخدوني فجر الجمعه.. سألوني أخوك بيروح فين؟ مين بييجي له؟ قال لي هتقول الصراحة ولا تتعلق.. طول الليل صراخ من الساعة 9 مساء للساعة أربعة الصبح.. قعدنا يومين.. أخويا جه سلم نفسه.. ربطوه.. وعلقوه وكهربوه من الساعة 9 لحد الصبح.. أخويا التاني لسه عندهم وما نعرفش وين.

الأخ الرابع

هجموا علي الأحد بالليل وقعدت يومين.. غموا عنيه.. قلعوني هدومي ملط وعلقوني على الباب.. بتتصل بمين؟ بتتكلم مع مين؟ هتتكلم ولا أخليك متعلق كده لحد بكره؟ كهربوا صوابع رجليا ومن كتر التعليق على الباب انجرحت في ضهري من تحت (رأينا آثار الجرح).. قلت له عاوزني أقول ايه وأنا أقوله.. كان معايا واحد عيان وكان بيرجع دم ما رضيوش يجيبوا له دكتور.. كنا 300 على 3 حمامات بس. كنا بناكل فول أسود وحتة جبنة على الفطار والسحور.. الخيارة كنا بنقسمها على أربعة.. الستات كانوا محجوزين في مسجد أمن الدولة بالعريش وكانوا بيضربوهم بالفلكة في المسجد.. ما عدتش قادر أتحكم في ايديا.. كباية الشاي مش بأعرف أشيلها.

الأم (حوالي 70 سنة)

هو اللي كان مخللي باله من أبوه العاجز.. كان هو اللي بيأكله وبيحميه .. دلوقتي مفيش حد.. الأولاد الاتنين ايديهم باظت ومفيش حد معايا.. حسبي الله ونعم الوكيل.. الواد هو اللي كان بيراعي أبوه.. أبوه مشلول بيعمل على روحه.. كان بيحميه كل مرة يوسخ نفسه.. أنا عجوزة ما أقدرش.. أعمل إيه.. وإخواته طلعوا من السجن إيديهم عاجزة.. مين يراعينا ومين يصرف علينا.. حرام عليهم.. خليهم يرجعوا الولد (الأب نائم في الفراش، عمره يتجاوز الثمانين عاما.. مشلول.. تقريبا لا يسمع.. في حجرته حاجز وراءه حمام).

# الزيارة الرابعة

(أسرة اعتقلوا خمسة من أبنائها ولم يتركوا سوى أخوين والنساء)

لقاء مع واحد من أخوين لم تعتقلهما أمن الدولة

خمسة مننا أخدوهم.. أول واحد (ح) في اولى ثانوي تجاري.. أخدوه قبل رمضان بـ 10 أيام ولسه ما خرجش. .. التاني مسكوه أول يوم رمضان (الثاني هو الشخص الذي يشاع أنه الأمن خلغ أظافره وكسر أحد ساقيه).. كان عاوز يسافر الخليج لكن أمن الدولة قالوا له ما تسافرش عشان انت اللي بتئم الناس في الصلاة ولو سافرت مش عارفين مين هييجي بدالك والناس متعودة عليك.. ومتعودة تصلي وراك.. ما سافرش.. وأخدوه.. قبضوا عليه من المسجد هو والمصلين..

يوم 15 رمضان أخدوا أخونا الكبير.. كسروا الباب بالرشاشات واعتدوا عليه في البيت.. بعيدن أخدوه على بيت خالتي.. سألت مين؟ هو رد عليها قامت فتحت الباب ولقت قدامها ناس بالرشاشات وواحد حاطط الطبنجة في راسها.. أغمى عليها.. أخدوا منها ابنها الصغير وسألوها عن أخويا.. بعدين راحوا على بيت عمي.. كسروا الباب وحطوا حراسة قدام الباب.. أول ما نزل لقى سلاح فاتح عليه.. كتفوا ايديه.. الجيران كل اللي يخبط على الباب يحجزوه في البيت من 6 الصبح لحد 2 الضهر.. أخدوا بنات عمي ونسوان إخواتي الاتنين.. قبضوا على واحد منهم وضربوه وربطوه وأخدوه.. في نفس اليوم إجم الناس قرايبنا فوق.. بهدلوهم وأخدوهم.. واحد عنده 18 سنة والتاني 23 سنة عشان أخويا كان فطر عندهم مرة..أخدوا ولاد عمتي الاتنين. أخويا راح سلم نفسه لما عرف إنهم هياخدوا أمه.. اللي سلم عليه في يوم من الأيام أخدوه ما خلوش حد.

واحد كان معاه وطلع قال لي انه قعد خمس ساعات يتعذب ورجع الزنزانة عريان وبيزحف على ايديه ورجليه. الأمن فضل تلات أيام في البيت واكلين شاربين نايمين في البيت عشان يمسكوا أي حد يقرب مننا.. كان عندنا خيل وغنم.. الناس أخدوا الخيل والغنم عشان ما تموتش.. جه الأمن يدور على الخيل ما لقاهاش قلبوا الدنيا وكدروا الجيران..

أنا كنت مسافر ولما رجعت من السفر قالوا لي أشرف بيه البربري عاوزك بعد الفطار.. قلت ليه بعد الفطار اروح دلوقتي.. رحت غموا عنيا على البواية وقلعوني اللي في رجليا وابتدوا يسألوني: تعرف ايه عن اخواتك، ويضربوا. أمك هربانة فين ويضربوا. وطول الوقت سامع صوت ناس بتصرخ وتصوت. أخويا الصغير عنده 16 سنة بقى له في طره 45 يوم ولما جم ما كانوش عاوزينه.. أخدوه لحد ما أخويا يسلم نفسه.. وأخويا سلم نفسه عشان ما ياخدوش أمي ولسه ما خرجوش أخويا الصغير. واحد من إخواتي سمعنا انه لسه في امن الدولة والتاني في لاظوغلي. الصغير قعد في امن الدولة هنا 10 أيام وبعدين راح طره والتاني قعد هنا أسبوع وبعدين راح لاظوغلي.

الناس عايشه في رعب.. الشوارع دي كانت بتبقى مليانة عيال ونسوان في العيد وحتى في الأيام العادية.. زي ما أنتم شايفين.. مفيش حد.. القرايب بقت بتخاف من بعض والجيران مش عاوزه تفتح لبعضها..

البيوت ما بقاش فيها غير النسوان وحتى النسوان بياخدوهم.. البنات بتمشي في الشارع يشدوا لنقاب من على وشها واللي ما ترضاش ياخدوها.. رعب.. وبيقولوا انهم بعد العيد هيكملوا تاني.

الأم:

أول ما جم أخدوا حسام 16 سنة، طالب في دبلوم تجارة.. ده كان قبل رمضان بـ 9 أيام مع آذان الفجر.. سألوني مين عندك، قلت حسام، أخدوه وجريوا.. يوم 10 رمضان أخدوا الأربعة الباقيين..

كانوا عاوزين ياخدوا البنت (12 سنة).. هربت من البيت.. العريش كلها قعدت بره بيوتها حوالي 13 يوم..الحكومة قعدت هنا في البيت لما مشيت تلات أيام.. خمسة من الأمن.. أي ضيف ييجي يطلبوا من بنتي إنها تفتح الباب ويا إما ياخدوهم يا إما يسألوهم بس.. الناس بقت تخاف تزورنا أو تسأل علينا.. أخدوا مرات حماده كانت حامل، لفوا بيها في العربية عشان تدل على أصحاب جوزها.. نزفت من كتر اللف في العربيات.. .. مرات اسماعيل كهربوها في صوابعها.. لما راحت البنت تسأل عن أخوها قال لها عدي جوه لحسن أطلع ميتين أمك.. وشتم سمر وقال لها يا بنت المرة الوسخة.. ومرات اسماعيل شد النقاب من على وشها.. وقت ما حجزوا مرات (ح) كان فيه 45 ست فوق بعض ولما يدخلوا الحمام يفوتوا على الرجاله وكانت بتسمع صوت رجاله بيصرخوا.. وشافت اسماعيل متعلق عريان قدامها..

واحدة من الأخوات

الستات اللي اتعذبوا من البدو في الشيخ زويد كان معاهم واحدة والدة من تلات أيام.. ضربوها ونزفت فراحت على المستشفى وعليها حراسة. عسكروا في شقتنا.. كانت أسطح الجيران عليها كل سطح خمس عساكر.. طول الليل صاحيين وخايفين لحسن ييجوا تاني.. عايشين في رعب وخوف..

الأمن دول من مصر.. احنا ما نعرفهمش وكان معاهم أمن من العريش.. اخدوا معاهم 2 شباب من الجيران.. كانوا مخبيين راسهم بالأسود وهدومهم كانت سمرا ولابسين جوانتيات سمرا.. سلفتي حطوا الرشاشات على راسها من الجنبين..

شهادة إمرأة كانت تزور الأسرة

فيه واحدة زميلتي في الشغل كانت في السوق.. قالوا لها اخلعي النقاب.. رفضت، ضربوها رصاصة في كتفها.. بقوا يقلعوا النسوان النقاب بالعافية ويضربوهم بالشلاليت.. انا شفت ده بعيني.. ان شغلي قريب من السوق وبأشوف الستات لما ده حصل لهم.. وأخدوا ابني يسألوه عن مكان الحاجة لما سابت البيت..

الابنة الصغرى:

فيه شاب تاني فتشوه وأخدوا من جيبه المصحف.. سألوه ايه ده؟ قال كلام ربنا.. راحوا شتموه. قال بلاش عشان حرام في رمضان.. راحوا ضربينه.. واحد تاني معتقل أخذوا أخوه ومرات أخوه.. واحد غيره كان معتقل، كان لسه خارج بقى له أسبوع بعدين أخدوه تاني..

اليوم الثاني 16 نوفمبر 2004

مدينة الشيخ زويد

أسرة

الاول أخدوا واحد.. كل ما واحد من إخواته يزوره ياخدوه، لحد ما أخدوا الأربعة. اتعذبوا على انهم عمال كهربا سيارات.. يسألوهم: انت عملت الريموت إزاي؟ بعدين عرفوا إن السيارة تفجرت بالتايمر (تايمر غشالة) فخففو التعذيب.

سائق أجرة

يوم السبت 8 رمضان جم وقت آذان المغرب قبضوا علي.. أحمد عبد الفتاح أمين شرطة بأمن الدولة فرع رفح وأكرم بك رئيس مكتب أمن الدولة في رفح.. كان معاهم سيارتين كبار.. نزلونا في الترحيلات وأخدونا العريش في مقر مباحث أمن الدولة.. قعدت 22 يوم.. كان معايا في سيارة الترحيلات ابن عمي.. وكان فيه واحد تاني مطلوب القبض عليه لما ما لاقوهوش أخدوا بدل منه أبوه وأخدوا مراته من العريش من عند أهلها واتنين من اخواته.. سلم نفسه فأفرجوا عن الستات.. كانوا 200 سيدة.. أفرجوا عنهم قبلي بيوم.. جسمي تاعبني ونظري تعبان، كانوا راميينا في الرطوية في الطرقة.. كنا مقرفصين.. حوالي 40 واحد.. الستات كمان كانوا الأول في الطرقة.. قعدوا تقريبا من أسبوع لعشر أيام بعدين نقلوهم المسجد.. كان أغلبيتهم معاهم أطفال من عيال بترضع لحد 6 سنين.. كنت بأسمع صراخ الناس من 9 بالليل لحد الصبح.. كانوا بيسألوا بتصلي فين، تعرف مين من الإخوة، مراتك منقبة؟.. كنا بنسمع الصراخ.. كانوا بيعذبوا بالكهربا والتعليق.. كانوا بيرجعو الناس ملط ومش قادرين يتحركوا من التعليق.. كنا نلبسهم ونأكلهم.. منهم واحد اتكهرب وهو متعلق.. وواحد شيخ موظف بالمحافظة لما أفرجوا عنه كانوا سايبين سلك الكهربا حوالين صباع رجله الكبير، احنا اللي حليناه.. سمعت ان الستات كمان اتكهربوا، فيه ناس كتير لسه محجوزة.. مفيش شغل.. الناس بتشوف الآر بي جيه في العربيات والبوكس بيهربوا.. مفيش عيد.. مفيبش ركاب.. الناس في بيوتها.. لما خرجت قابلت واحد صاحبي سلمت عليه.ز قال لي والنبي اعمل معروف ما تسملمشي علي.. أنا عندي عيال عاوز أربيهم.. ما حدش عيد علينا.. كلنا في رعب.

مواطن

ابن عمي مدرس في التجارة، غلبان، لسه ممسوك، مالهوش في حاجة.. اتاخد معايا.. أنا اتغميت أسبوع ما يرفعوش التغمية إلا في وقت الفطار والسحور والتواليت.. آخر 3 أيام دخلوني عتبر العساكر 3 في 4 متر، وكنا حوالي 50 واحد.. ابن عمي عضو في الحزب الوطني والمجلس المحلي ومدرس محاسبة واب لـ 7بنات وولد. رحلوه على دمنهور.. سمعنا إن دمنهور مفيهاش تعذيب زي هنا.

مواطن ثاني

ليلة العيد أخدوا عشرة حجزوهم عند شط البحر لحد الفجر.. النهارده في ميدان الشيخ زويد الناس تكون قاعدة قدام السوبرماركت ييجوا ياخدوهم يحجزوهم خمس ساعات وبعدين ياخدوا اللي ياخدوه ويسيبوا الباقي.. الموبايلات كلها متراقبة.. واحد اشترى محمول من حد مطلوب واستعمله بياخدوه.. ياخدوه وياخدوا اللي اتصل بيه.. كل يوم يهجموا على البيت وياخدوا ستات ورجاله.. كل التليفونات متراقبة.. تيجي المكالمة من غير نمرة على الشاشة وما حدش يرد عليك.. مرة وقفوا قدام جامع التوحيد بعد صلاة الفجر يوم 21 رمضان.. كل اللي يطلع يمسكوه..كل واحد يدخل يقولوا له ما تقولش إن إحنا بره وهم خارجين ياخدوهم في عربية ترحيلات كبيرة.. واحد جت له مكالمة من حد قريبه بيطلب منه فلوس وانه هيبعت ولد ياخدهم، فورا دخلوا ورفعوا الشباب بالكلاشنكوف ووشهم للحيط وهم موجودين جه الولد مسكوه هو والشباب.. لحد النهارده عندهم.. (ف.س.ح.) راح سلم نفسه عشان كانوا أخدوا أمه واخواته الصغار.. أمه اتكهربت.. وهو اتعذب 4 أيام بالكهربا. .. ولاد عمه طلعوا يوم العيد من طره.. (أ. ص. كسروا ايديه)

مواطن ثالث

من سوق الجوره يوم الاثنين 10 رمضان الصبح أخدوا 125 واحد.. يسألوه معاك بطاقة وبعدين ياخدوه.. دول ما نعرفش عنهم حاجة. واحد منهم بس اللي خرج وطلبوا منه يشتغل معاهم مرشد.

مواطن رابع

في قرية أبو شنار جنب مستعمرة ياميت في رفح دخلوا عليهم وقت الفطار يوم 15 رمضان.. العيلة اتدمرت.. قبضوا على كل الرجاله.. رحلوهم على طره أو دمنهور.. واحد منهم كان بيشتغل مع المخابرات العامة وقدم لهم خدمات عظيمة، برضه أخدوه.. كان فيه راجل عنده 85 سنة، حصل له ذبحة في الحجز.. لفيناه ببطانية وندهنا على الأمن.. أخدوه ورموه بره ساعه على ما نقلوه المستشفى وما أعرفش إن كان ميت ولا حي.. واحد تاني من مواليد 1914، جايبينه شايلينه شيل.. واحد تاني ملتحي وعنده القلب.. أمه قالت لهم خلوا بالكم عنده القلب.. اترحل قبل ما أروح طره.. واحد تالت اتعذب بفظاعه، ولما خرج ما بقاش عارف يشيل الجاكته بتاعته.. كل اللي ليهم ناس عايشين في القاهرة أو في أي حته جابوهم.. شيوخ القبائل بيرهبوا الناس ويضغطوا عليهم يسلموا ولادهم بدل ما العيلة كملها تتعذب وواحد منهم سلم اتنين من ولاده بنفسه.. السواقين عندهم كارثة ومش قادرين يدفعوا أقساط العربيات.. مفيش حركة على الطريق.. الناس خايفة ومن المغرب كله قافل عليه بابه وما حدش بيفتح لحد.. السواقين كمان خايفين .. من هنا للقنطرة 10 نقط تفتيش.. المشوار اللي كان بياخد ساعتين ونص بقى بياخد أربع ساعات والسواق بيتبهدل والركاب.. بيسألوا الناس على بطايقهم.. كل واحد من الشيخ زويد بيتبهدل..

مواطن خامس

عندنا الناس بتبيع وتشتري ملابس واحتياجات العيد آخر يومين في رمضان.. اللي كان ينزل يشتري هدوم لعياله يمسكوه.. فيه محلات راسمالها 100 ألف جنيه يمكن ما باعتش في العيد بـ 100 جنيه. انزلوا ميدان الشيخ زويد الصبح.. الساعة 9 الصبح.. تلقوا عربيات الأمن وعليها الرشاشات الآر بي جيه ووراهم عربية بيجمعوا فيه الناس من الميدان..

التوابع

توابع الزيارة الثانية

بعد مغادرتنا المنزل الثاني اتصلت الأسرة بالمحامين لتخبرها أن أمن الدولة جاءوا بسيارة نصف نقل وطلبوا الأخ الوحيد المتبقي. ثار الأب وقرر أن يسلم نفسه بدلا منه لكنهم أصروا على أخذ الشاب الذي قرر أن يذهب معهم لكي لا يعرض أمه ونساء المنزل للبهدله.. في هذه الأثناء عاد الأستاذ أحمد سيف ومعه أعضاء اللجنة الشعبية لحقوق المواطن بشمال سيناء إلى منزل الأسرة فأسرعت سيارة الأمن بالانطلاق بعيدا عن المنزل. في اليوم التالي ذهبنا، نساء فقط، لمواساة الأسرة والشد من أزرها، فوجدنا البيت مليئا بالنساء اللاتي جئن يعزين في المفقودين ويدعون على من أخذهم. قالوا:

بعد خروجكم بحوالي عشر دقايق جم 3 ضباط من أمن الدولة لابسين ملكي وطلبوا أحمد قلنا أخدتم كل رجالة العيلة خدونا إحنا كمان.. الضابط قال مش عاوز شوشرة.. هتعملوا شوشرة هنجيب قوة أكبر.. أحمد قال مفيش داعي أنا جاي معاكم.. أبوه أصر يروح معاه هو كمان قالوا له لأ، أحمد بس.. ركب معاهم عضب عنهم وهناك رجعوه وقالوا له سؤالين وهنخرجه ولم يعد حتى الآن.

كنا أيام الاحتلال بنخبي الضباط المصريين ونلبسهم هدوم حريمي عشان يهربوا من مطاردة الإسرائيليين، وساعدنا جيشنا كتير وده هو جزاءنا؟ لو كان اليهود عرفوا كانوا نسفونا احنا وبيوتنا وعيالنا.. عملنا فيهم خير وآدي جزاتنا على اللي عملناه.. بهدله ما شفناهاش من اليهود.

توابع الزيارة الرابعة

بعد زيارتنا استدعوا الأخ الذي تقابلنا معه لمقابلة "الباشا"..قبل أن نغادر قابلنا المواطن الذي استدعوه لأمن الدولة لمقابلة الباشا بعد أن زرنا أسرته!! سألناه إذا كان يمكن أن يهرب.

مش أهرب.. انا هأقعد في البيت مع أمي وإخواتي.. عاوزين ييجوا ييجوا.. ما طلبوني قبل كده ورحت.. عاوزين إيه تاني.. المرة دي أنا عارف ايه اللي هيحصل.. انا مش سايب البيت إلا ميت انا واللي فيه.. هو فاضل إيه.. وأسيب النسوان لمين.. عشان يبهدلوهم.. ما بقاش فيه حاجة.. الناس خايفة من بعض .. ما سابوش حاجة.. الواحد بيعرف ربنا وعايش في حاله مش سايبينه.. الناس في الشارع تسألوها عاوزه ايه تقول لك عاوزين نعيش وبس.. الناس عاوزه تعيش وبس..

العريش والشيخ زويد مدن أشباح.. يكاد الزائر أن يشم فيهما رائحة الخوف.. مقر التجمع بالعريش أمامه موتوسيكل عليه رجل أمن يتوجه إلى التليفون العمومي كلما دخل أو خرج أحد من المقر.. رجال الشرطة يتوعدون الأهالي بأن ينتظروا ليشهدوا ما سوف يحدث بعد العيد.. "والله لنحرقها حرق.. لازم البلد دي تتربى". http://www.hrinfo.org/egypt/nadeem/pr041124.shtml


إيمان احمد حمدان - أكتوبر 2004 - العريش

أول ما دخلنا على مكتب امن الدولة سجلوا اسمي في دفتر وسألوني انا جاية ليه قلت لهم علشان جوزي وكان عدد الأسماء اللي متسجل أمامي 140 اسم اليوم الأول دة مافيش حد كلمني خالص لكني كنت بأسمع أصوات وصراخ طول الليل وكنت قاعدة في الطرقة ومعايا تقريبا 40 سيدة منهم خمسة كانوا معاهم أولاد رضع وكانوا باخذوا اي واحدة منا وترجع بعد شوية جسمها كله بيترعش.

وفي اليوم الثاني أخذوني لحجرة كان فيها ضابط سألني عن جوزي احمد واصحابه و بيروح فين وبيكلم مين انا قلت له كل اللي اعرفة وكانت الحجرة اللي بجوارنا دايما فيها حد بيتعذب وكنا بنسمع صوته وهو بيصرخ وإحنا خارجين من غرفة التحقيق كنا بنشفهم وهم عرايا و بيتعذبوا وتستكمل ايمان حديثها بانها اثناء التحقيق كانت لا تخلوا الأسئلة من السب فعلى سبيل المثال كان يسألها الضابط مين اصحاب جوزك يا بنت (.............) ؟ وعندما لا تتمكن من الإجابة كان يتم تهديدها بالصعق بالكهرباء فكان يتم تقريب سلك الكهرباء من أطراف أصابعها وتؤكد إيمان انها كانت تشعر برعشه شديد تنتابها من اثر تقريب السلك من إطراف أصابعها وتقول ايمان احنا كنا بنطلع للضابط اللي بيحقق معانا وما كناش نبقي عارفين مين اللي بيحقق معانا لانه كان يتم تعصب أعيننا وما كناش حتى نعرف مين موجود في الحجرة. تؤكد ايمان ابو شيتا انه لم لكن يتم توفير الطعام لهم بل أن الرجال كانوا يجمعوا من بعضهم الأموال ويشترون بها طعاما ولم يكن يمسح لأحد دخول طعام له من الخارج أو حتى فلوس

ده حتى كان في سيده عندها الآلام في معدتها وطلبنا لها ينسون بعدها جابوا الينسون طلب الضابط منها ثمنه ولما ماكانش معاها فلوس جمعنا فلوس من الرجال وحاسبنا على الينسون بعد كده أخذوني على البيت وقاموا بتفتيشه للمرة الثالثة واخذوا كتب وأجنده خاصة بي وتؤكد والدة إيمان أن ابنتها كانت قد أجريت عملية إجهاض وقد أصيبت أثناء احتجازها بحالة نزيف وتستكمل إيمان الحديث وتقول طلبت من الضابط يعطيني أي حاجة علشان النزيف فلم يجيبني بشئ واكثر حاجة رعيتني اني في مرة طلعت للضابط علشان التحقيق وكان في حد موجود في الحجرة سمعة بتكلم الضابط ويقول له" يا باشا الجثة دية ح تتصرف فيها أزاي عايزين نتاويها في أي مصيبة"

بعد كدة سمعت صوت احمد زوجي وهو بيتعذب سألتهم هوده احمد وما حدش رد عليا بعد كدة خرجت بعدما قعدت هناك خمس أيام ما يعلم بهم إلا ربنا وحسبنا الله ونعم الوكيل. http://www.eohr.org/ar/report/2004/re1120-2.htm

الاسم : محمد احمد حمدان عبد الله

السن : 16 سنة

طالب في الصف الثاني الثانوي

أنا أتقبض عليا مع شقيقتي إيمان يوم الثلاثاء بعدما دخلنا مكتب امن الدولة تركوني يومين وفي اليوم الثالث طلعوني على فوق وأنا معصب العينين وسألوني عن حمادة جوز أختي إيمان قلت لهم أنا معرفش حاجة عنة قال الضابط قلعوه هدومه وخلعوا كل ملابسي ماعدا الشورت وسمعت صوت ماتور عرفت بعد كده انه ماكينة كهرباء لأنهم هددوني بأنهم سيقوموا بكهربتي وحسيت بتنميل في أصابع يدي وبعدها تركوني انزل ثاني بعد كده طعلوني ثاني وسألوني عن حمادة و أنا قلت لهم معرفش ضربوني بالاقلام على وشي ونزلوني وبعدها ماحدش كلمني لحد ما خرجت مع ايمان.احنا كنا قاعدين في طرقة مساحتها 1 متر × 9 متر وكان عددنا حوالي 104 شخص وكان فيه واحد اسمه احمد سامي وده مدرس علوم اخذوه الساعة 12 مساء علشان التحقيق ورجع الساعة 5 الفجر وكان مش قادر يقف على رجليه ولا قادر يحرك او يرفع يده او ذراعه وأنا كنت بأكله بنفسي لأنه ماكنش بيعرف يستخدم أيده خالص ولا يعرف يحركها الى أن تم ترحيلة وكان فيه كمان إسماعيل عبد الله ابن عمي وده اضرب جامد و قال لى انه كان متعلق وكانت ايدة حمراء من عند المعصم وكان مصاب بجروح عند مفصل الذراعين وكان مابقدرش يقف على قدمية ويوم ماروحت كان فيه واحد انا ما اعرفش أسمة لكنة كان مضروب جامد ومصاب.

http://www.eohr.org/ar/report/2004/re1120-2.htm

محمد نوح محمد 29/5/2005

"طلعونى فوق على أودة صغيرة في السطوح ، زي أودة تعذيب، فيها شباكين حديد وفيها مكتبين مكسرين و دولاب، وورا الدولاب شوم و عصيان، حطوا الكلابشات في إيديا من ورا ضهري و علقونى علي الباب، سابونى لحد آدان الضهر، وبعدين جه الضابط مدحت وقال نزلوه، وسأالني تانى فين العربية و لمل قلت ماأعرفش حاجة قال للعساكر فلكوه. ربطوا ايديا مع بعض بحاجه زي بطانية قديمة و ضموها علي ركبي كده و فوتوا عصاية من ورا ركبى وعلقوني بين مكتبين زي الدبيحة. ضربونى الاول بالكرباج و بعدين بالشومة الضابط مدحت كان بيضرب معاهم بنفسه، كل شوية يوقفوا و يدلقوا مية علي الأرض و يخبطوا رجلي فيها جامد.....كنت أزعق و أقول بس قولوا لي عايزينى أقول إيه و أنا أقوله... أنا تعبت.. أعمل ايه.. كل ما تحصل حاجة يقبضوا عليه" http://www.hrinfo.org/egypt/nadeem/2005/pr0529.shtml

عمرو جلال راغب

16/6/2005

"أنني بتاريخ 5/6/2005 الموافق الأحد الساعة 12 مساءا أثناء خروجي من عملي توجهت الي الصيدلية لإحضار دواء لوالدتي المسنة ففوجئت باربعه من أمناء مباحث قسم شرطة الموسكي قاموا باستيقافي وطلبوا الإطلاع علي البطاقة الشخصية وقال لي احدهم أنت عليك حاجة جاوبت بالنفي فقال لي اذهب احضر لنا أربع وجبات كفته ولما تيجى سوف نعطيك البطاقة وهاتهم لنا علي القهوة, فرفضت لان والدتي منتظرة الدواء فما كان منهم ألا أن قاموا بسبي بألفاظ نابية وقام احدهم بضربي بجهاز اللاسلكي الذي يحمله في وجهي وصدري وقال لي كلم الباشا عدل فسألته أنت بتضربني ليه فقاموا جميعا بضربي في مختلف أنحاء جسدي بجهاز اللاسلكي والأرجل وقاموا بسحلي أرضا وقاموا بضربي بالأقدام علي ظهري بالشارع أمام المارة ثم أمروني بان اسحف علي الأرض فامتنعت فامسكوا بقدمي وقاموا بجري علي الإسفلت مما تسبب في أحداث إصابات علي صدري ومازالت أثارها موجودة حتي الآن ثم قاموا باصطحابي الي قسم الموسكي وقاموا بالكشف علي الصحيفة الجنائية الخاصة بي فلم يجدوا شيئا ضدي وعلي. أثناء ذلك شاهدت احد الأمناء بالقسم وقال لهم مشوه من هنا قبل ما احد يحضر من الضباط علشان متبقاش فيه مصيبة علينا قاموا بعد ذلك بإعطائي البطاقة والاعتذار لي" http://www.hrinfo.org/egypt/ahrla/2005/pr0616.shtml

جازية محمد نجم، أم الطفل صدام حسين حافظ، 17 سنة

26/1/2005

"ابنى اتقبض عليه يوم الاثنين -13 ديسمبر- حوالى الساعة اتناشر ونص الضهر بمعرفة شخص اسمة " بيسة" بيشتغل مرشد مع ظباط شرطة قسم الوراق. وظباط شرطة قسم الوراق قبضوا على ابنى ولفقوله تهمة سرقة تسجيلات سيارات . وقعد فى قسم الشرطة لغاية ما اتعرض على النيابة يوم الاربع - 16 ديسمبر - الساعة 9 الصبح وبعد التحقيق معاه فى النيابة ادوله 15 يوم على ذمة التحقيق. فرجعوه مرة ثانية لقسم شرطة الوراق. وقعد محجوزمن يومها. وكنت بروح القسم علشان اشوف ابنى انا واخواتة وكانت الزيارة صعبة وكان لازم ادفع فلوس كتيرة للمخبرين ولامناء الشرطة علشان اعرف اشوفة واوصلَه الاكل وساعات كان الظباط بيطلبوا منى كروت شحن لتليفوناتهم لغاية مابعت دهب بنتى علشان اقدر اشوف ضنايا. وكنت لما با اشوفة كان بيقولى انه بيتعذب وبيتكهرب فى بطنه وبيتعلق من رجليه وكان ظاهر عليه التعب الشديد والاصابات فى وشه ورجليه هو واللى معاه من الاحداث المتهمين فى نفس القضية واللى كانوا محبوسين على ذمتها لحد يوم 19 ديسمبر وهو يوم موت ابنى.

"أنا شفت جثة ابنى فى ثلاجة المستشفى وقعدت منتظرة حوالى نص ساعة على باب تلاجة الميتين فى مستشفى التحرير العام فى امبابة ودقيت على بابها وصرخت "افتحوا لى ، عايزة اشوف ابنى" ولما دخلت لقيت جردل مليان لنصه بالمية وكانوا بيحاولوا يمسحوا الدم من على جثة ابنى ولما شفته لقيت راسه غرقانة دم وحطيت ايدى على راسه لقيتها متفتتة والدم بينزف من ودنه الشمال وكانت ايديه باين عليها أثار التعليق ورجليه مجلوطة. ولما جه دكتور المستشفى وكشف عليه لقاه مصاب بكسر بقاع الجمجمة ونزيف عل سطح المخ وقد ارجع الوفاة الى هذا وانا لما كنت فى المستشفى سمعت الممرضات بيقولوا ان ظباط شرطة قسم الوراق كانوا عاوزين الدكتور يطلع تقرير بإن الوفاة طبيعية ومفيهاش شبهة جنائية لكن الدكتور رفض ذلك وانه حيكتب التقرير حسب اللى حيشوفه بعد الكشف على الجثة. وتانى يوم الصبح - الثلاثاء 21 ديسمبر - خدنا التصريح بدفن ابنى و كان فيه ساعة الجنازة عربية ميكروباص فيها بعض امناء شرطة قسم الوراق ومسابوناش الا لما دفنا ابنى. انا شاكه فى وفاة ابنى وطالبة التحقيق علشان اعرف الحقيقة." http://www.hrinfo.org/egypt/ahrla/2005/pr0126.shtml

الدم السوري على مذبح اعمدة المشانق تدمر 2

.. الدم السوري على مذبح اعمدة المشانق تدمر2



بداية لابد لي ان اتقدم بالشكر الى جماعة الاخوان المسلمين في سوريا , على الدعم المعنوي والمادي الذي قدموه لي، بينما كانت ظروف المهجر القاسية تعصف بي, كما اتقدم بالشكر لكل من قدم لي مساعدة على الصعيد الشخصي, فقد عشت مع جماعة الاخوان المسلمين في سوريا مأساتهم الانسانية في بلدان الاغتراب والمهجر, وعشت معهم في سجن تدمر وكلي أمل الا ينسى القادة عذابات سجناء سجن تدمر والشهداء الذي رفرفوا على اعمدة المشانق فيه.
حسن الهويدي
تفيذ الاعدام شنقا مشهد 1
نظرت من ثقب الباب وشاهدت منصات خشبية ومعدنية في الطرف الاخر من الباحة تتدلى منها حبال ، في الطرف المقابل يجلس ابو عزيز وعدد من السجناء , ذهبت الى دورات المياه حيث يوجد شباك صغير يطل مباشرة الى الباحة وتكون الرؤية من خلاله اوضح , وضعت تحت قدمي كي اصل الى النافذة التي كانت مرتفعة بعض الشيء كالون من البلاستيك نستخدمه لتخزين المياه، صعدت واحسست بعدم التوازن في جسدي وقدمي تتراقص والخوف ان ينسكب الماء الذي لا نملك غيره 20 ليتر من الماء اذا فقدناه يصبح 175 سجين دون ماء طوال 24 ساعة, ولكن سعيت جاهدا ان احافظ على توازني , سوف اشاهد ما لم اشاهده من قبل, يارب هل يتم اعدام هؤلاء الان , بهذه السهولة يتم ازهاق ارواح البشر وامام عيني وانا عاجز عن فعل اي شيء غير تحسس رقبتي,وهل سابقى استرق النظر اليهم حتى اودعهم ,ام ان فضولي يدفعني الى فعل هذا كوني لم ار في حياتي هكذا مشهد سواء على شاشة السينما وعرض افلام الكابوي,انها مخاطرة كبرى لو شاهدني احد الحراس وأنا اسرق النظر ولو كشف امري قد اكون من بينهم, بينما كانوا يستقدمون سجناء من الباحات الاخرى شاهدت من بينهما شابين لبنانيين هما الابجر وابو قتادة متهمين بمقاومة الجيش السوري في مدينة طرابلس شمال لبنان , تعرفت عليهما رغم انهم معصوبي الاعين, فقلبي يكاد ان يتوقف واستندت بظهري على طرف الحائط , نظرت الى المهحع اشاهد السجناء الذين لم ار منهم احدا كأن سرابا حجبهم عني ,الدوار في راسي يكبر الالم في اذني وطنين لم يعد يحتمل ,استلقيت على ظهري لدقائق وعدت جالسا , ونظرت الى بقية السجناء ,شاهدت منظرا محزنا للغاية، دموع الجميع تذرف ورجال اشداء تبكي, لا اعتقد انهم يبكون خوفا بل كانوا يبكون على فراق احبة عاشوا معا سنين طويلة تقاسموا فيها الالم والفرح والجوع والعطش, تقاسمو الشوق والاحلام رغم مراراتها، تقاسمو ضربات الجلاد ...
وقف رئيس المهحع في وسطه وطلب منا تلاوة صورة يس والدعاء كي يخفف الله عنهم وعنا الم الحبال ويسهل عليهم الموت ويدخلهم فسيح جنانه, بينما كانت الدموع تتساقط من الجميع على فراق الاخوة ولاحبة , دفعني جنون ما وعدت الى الحمام حيث كنت نظر الى جهات المحيطة لساحة الاعدام
في الحائط الجنوبي للباحة والتي تفصله عن باحة الخدمة يوجد باب اسود صغير يقف الى جانبه عناصر من الشرطة العسكرية ترافقهم عناصر البلدية , وفي وسط الباحة انتشار لبقية عناصر الشرطة والبلدية وشاهدت بعض العناصر المسلحة تعلو اسطح المهاجع المجاورة ,مصوبين فواهات بنادقهم بأتجاه السجناء العزل المقيدي الارجل والايدي المنبطحين ارضا معصوبي الاعين, لحظات وفتح الباب الصغير من جهة باحة الخدمة ودخل منه مجموعة، فأدى عناصر الشرطة المجاورين للمكان التحية بقوة , استجمعت كل حواسي كي يتسنى لي معرفة من دخل عرفت من بينهم ( العميد غازي الجهني مدير السجن) والمساعد محمد نعمة ضابط امن السجن , ام البقية فكانو يرتدون اللباس الرسمي المدني اجل عرفتهم , اللواء حسن قعقاع والعميد سليمان الخطيب رئيسي المحكمة الميدانية في سجن تدمر , كان الخطيب قصير القامة هذا الاخير الذي اعدم الكثير من السجناء, ومن كان يقع تحت يده يقوم بتعذبيه حتى اثناء المحاكمة, الخطيب الذي روى لي احد السجناء عنه انه اعدم سجين طبيب بيطري بحجة ان الطبيب قتل بقرة اهل القاضي الخطيب, قال لي ان الطبيب كان موظفا لدى مصلحة الزراعة في المنطقة التي يوجد فيها اهل واقارب القاضي العميد سيلمان الخطيب, بعد ان اطلع القاضي على المعلومات المتواجدة في ملف السجين تعرف اليه القاضي وسأله انت الطبيب الجحش اللي كان يخدم عنا بالضيعة..
قال له السجين: نعم
القاضي الخطيب: انت اللي قتل بقرتنا مش هيك
السجين: اي بقرة سيدي
البقرة اللي كنت تعالجها وماتت لانك حمار ما تفهم, بحظي متل ما ماتت البقرة راح تموت انت, اخرج يا كلب انت محكوم اعدام, تعرف يا ابن الشلكة البقرة بتسوى لحية وشوارب ابوك وابو اللي خلفوك, لك البقرة تسوى ربك اللي خلقك .
وفعلا بعد خمسة عشر , نفذ العميد سليمان الخطيب حكم الاعدام بحق السجين .
وكان معه في الباحة اللواء حسن قعقاع رئيس المحكة الميدانية كان يرتدي بدلة بيضاء اللون موديل سفاري والى جانبه مقدم في المخابرات العسكرية فرع التحيقيق رئيس قسم التحيقيق واشخاص اخرون
المقدم الذي قد اشرف على التحقيق معي اثناء فترة وجودي في فرع التحقيق العسكري, انه يتمتع بلذة لا متناهية اثناء التعذيب , كان يحتسي الخمر اثناء التحقيق مع السجناء ، كما كان يشرف على تعذيب النساء المتهمات بالانضمام لرابطة العمل الشيوعي في الغرفة رقم 15 , حيث كان يرتدي بيحاما زرقاء اللون وحذاء رياضي , ويضع له العناصر كرسي من الجلد الفاخر اسود اللون , وطاولة صغيرة يوجد عليها زجاجة من الويسكي الفاخر المهرب من لبنان وعلبة سيجار كوبي فاخر وبعض الفاكهة, لا يروق له التحقيق مع النساء السجينات الا في هذه الوضعية بعد ان يحتسي القدح الاول يأمر العناصر بجلب السجينة وفعلا فتح احد العناصر باب الغرفة المجاورة رقم 15 واخرج منها سجينة لم يتسنى لي معرفتها, مرت ربع ساعة وبدأ بالتحقيق معها ويترافق الكلام ضربات قوية في كبل رباعي مصنوع من النحاس والبلاستيك يستخدم لنقل التيار الكهربائي التوتر العالي وهذا النوع من الكابلات بستخدم للقطعات العكسرية لدى الجيش السوري , كون هذا الكبل من ادوات التعذيب المعترف عليها في معتقلات وسجون المخابرات السورية واستخدم هذا الكبل كاداة من ادوات التعذيب المتعددة اثناء التحقيق معي , كنت احس بألالم الذي يرافقه , لذلك كلما تعرضت السجينة التي يحقق معها بضربة كنت احس بالوجع ولالم والدمع يتساقط من عيني دون ان اشعر بها رغم انها تحرق جفن عيني , صرخات امرأة تتعالى وتسنجد وهي تصرخ يا امي يا بيي , ومن خلال الصراخ شعرت قد تكون المرأة التي تعرفها عليها من خلال انبوب الماء الواصل بين زنزانتنا الجماعية رقم 14 التي اقيم فيها وزنزانتها رقم 15, قد تكون ( فيروز) التي كانت في احد المرات بعد ان تعرفت علينا بشكل جيد, غنت لنا اغنية ريتا لمارسيل خليفة واغنية للمطربة فيروز يا (جبل البعيد خلفك حابينا بتموج متل العيد وهمك متعبنا) واطلقنا انا ومن معي في الغرفة اسم فيروز لان كان صوتها جميل ودافىء يشبه صوت فيروز , كانت كلما تريد ان تكلمنا تدق على انبوب الماء ونتحدث من خلال فتحة صغيرة ونتبادل الرسائل , بينما تعلو صرخاتها صعدت الى صنبور الماء الذي يقع بحوار انابيب اخرى بعرض 30سم كنا نستخدمها للنوم نتيجة ضيق المكان , وفعلا طرقت على الانبوب و جاءت احد البنات السجينات وهي رفيقة لها من ضيعة القريبة من دير ماما منطقة مصياف وسألتها مين فيكن خرجت للتحقيق , واخبرتني انها فيروز , وسرعان ما نزلت الى الباب استمع الى كيفية التحقيق معها وكان كلام المحقق مفهوم بشكل واضح , وكان قد طلب من العناصر المرافقة له بالتحقيق معها ان ينزعوا عنها ثيابها وهي تتوسل اليه ان لا يفعل هذا , ولكن نزع عنها كل ثيابها وكان المحقق يتكلم بصوت عالي وكان كلامه غير مترابط نتيجة انه ثمل من كثرة ما تناول من اقداح الويسكي , طلب من احدهم ان يربطها و هي عارية على سلم بزواية مائلة و بينما هي تصرخ , اعتقد انه طلب هذا لانها كانت تضع يديها كي تستر عورتها بينما هو يسارع بجلدها كي ترفع يدها عن مكانها بينما هي صامدة وتأبى ان ترفع يدها , وبعد ان لم يفلح بهذا ,طلب من العناصر الذين معه ان يقيدوها على السلم كي يتاح له التمتع بمشاهدة جسدها العاري ,
وفعلا تم ربطها وساد الغرفة والنفق المجاور الصمت المخيف المرتقب , ولكن بعد مضي نصف ساعة كانت تخرح منها صرخات متقطعة وبقيت هكذا حتى ساعات الصباح الاولى , وعندما تم الانتهاء من التحقيق معها , حملها اربعة عناصر من المخابرات على متن بطانية ووضغوها امام باب الغرفة 15 الملاصق لباب الغرفة التي اتواجد بها , وكانت ثيابها ملطخة بالدماء وشعرها منثور على وجهها انها فيروز, وعندما ادخلوها الى الغرفة تعالت صيحات رفيقاتها بعد ان شاهدن منظرها بدأن يشتمن بأعلى اصواتهن يا مجرمين ياقتلة يا كلاب الله يلعن ابوكم ابو رئسيكم المجرم ؟
بينما هي تصرخ الما وشوقا دخليكم بدي اشوف بنتي بدي اشوفها قبل ما اموت, فسكتت واعتقدت انها ماتت واحسست ان عشق الوجع الالم قد جمعنا, فلم يعد لدي صبر ؟
عند الظهيرة صعدت الى انبوب الماء وبعتث برسالة كي اطمئن عليها واتحقق انها هل ما زالت لى قيد الحياة ام لا؟, وفعلا حدثتني احدى البنات المتواجدة معها بنفس الزنزانة وطمنتني عنها ,وقالت لي تصور الكلب المقدم معذبها كتير جسدها اصبح لونه ازرق من ضربات الكرباج وايضا وجهها مشوه وظهرها مش باين من الدم المتجمد كان ابن الحرام المقدم يطفأ سيجاره على حلمة ثديها و بين رجليها وعلى شفايفها وكان يعرضها للصعق الكهربائي
المسكينة عم تنزف ونحنا خايفين عليها تموت, بعد ان سمعت هذا الكلام لا اعلم كيف نزلت من الانبوب ما ان وجدت نفسي مقرفص في الزواية المجاورة لدوة المياه , سرعان ما تبادر الى ذهني قد يأتوا بشقيتي او امي الى هنا ويفعلو معها كما فعلوا مع فيروز, فيروز التي اطفأ المحقق سيجاره على شفاهها , لن تغرد اليوم ولا غدا بينما الجبل البعيد القريب ينتظر صوتها ليرد الصدى ويصل الى اذني طفلتها الذي تتنظر خلف الجبل المطل على ضعية لها فيها ذكريات جميلة و شوق لرؤية حبيبة ومحب .............
يتبع لاحقا تعذيب النساء في سجون المخابرات السورية

*.. الدم السوري على مذبح اعمدة المشانق تدمر (2)

*.. الدم السوري على مذبح اعمدة المشانق تدمر (2)

بقلم: حسن الهويدي *

أخبار الشرق – 15 نيسان/ أبريل 2009

(بداية لابد لي ان اتقدم بالشكر الى جماعة الاخوان المسلمين في سوريا، على الدعم المعنوي والمادي الذي قدموه لي، بينما كانت ظروف المهجر القاسية تعصف بي، كما اتقدم بالشكر لكل من قدم لي مساعدة على الصعيد الشخصي، فقد عشت مع جماعة الاخوان المسلمين في سوريا مأساتهم الانسانية في بلدان الاغتراب والمهجر، وعشت معهم في سجن تدمر وكلي أمل الا ينسى القادة عذابات سجناء سجن تدمر والشهداء الذي رفرفوا على اعمدة المشانق فيه.. حسن الهويدي).

تفيذ الاعدام شنقا.. مشهد 1

نظرت من ثقب الباب وشاهدت منصات خشبية ومعدنية في الطرف الاخر من الباحة تتدلى منها حبال، في الطرف المقابل يجلس ابو عزيز وعدد من السجناء، ذهبت الى دورات المياه حيث يوجد شباك صغير يطل مباشرة الى الباحة وتكون الرؤية من خلاله اوضح، وضعت تحت قدمي كي اصل الى النافذة التي كانت مرتفعة بعض الشيء كالون من البلاستيك نستخدمه لتخزين المياه، صعدت واحسست بعدم التوازن في جسدي وقدمي تتراقص والخوف ان ينسكب الماء الذي لا نملك غيره.. 20 ليتراً من الماء اذا فقدناه يصبح 175 سجيناً دون ماء طوال 24 ساعة، ولكن سعيت جاهدا ان احافظ على توازني، سوف اشاهد ما لم اشاهده من قبل، يا رب هل يتم اعدام هؤلاء الان؟ بهذه السهولة يتم ازهاق ارواح البشر وامام عيني وانا عاجز عن فعل اي شيء غير تحسس رقبتي؟ وهل سأبقى استرق النظر اليهم حتى اودعهم؟ ام ان فضولي يدفعني الى فعل هذا كوني لم ار في حياتي هكذا مشهد سواء على شاشة السينما وعرض افلام الكابوي؟ انها مخاطرة كبرى لو شاهدني احد الحراس وأنا استرق النظر ولو كشف امري قد اكون من بينهم.

بينما كانوا يستقدمون سجناء من الباحات الاخرى شاهدت من بينهم شابين لبنانيين هما الابجر وابو قتادة متهمين بمقاومة الجيش السوري في مدينة طرابلس شمال لبنان. تعرفت عليهما رغم انهم معصوبو الاعين، فقلبي يكاد ان يتوقف. واستندت بظهري على طرف الحائط، نظرت الى المهحع اشاهد السجناء الذين لم ار منهم احدا كأن سرابا حجبهم عني.. الدوار في راسي يكبر الالم في اذني وطنين لم يعد يحتمل. استلقيت على ظهري لدقائق وعدت جالسا، ونظرت الى بقية السجناء، شاهدت منظرا محزنا للغاية.. دموع الجميع تذرف ورجال اشداء تبكي، لا اعتقد انهم يبكون خوفا بل كانوا يبكون على فراق احبة عاشوا معا سنين طويلة تقاسموا فيها الالم والفرح والجوع والعطش، تقاسمو الشوق والاحلام رغم مراراتها، تقاسمو ضربات الجلاد...

وقف رئيس المهحع في وسطه وطلب منا تلاوة صورة يس والدعاء كي يخفف الله عنهم وعنا الم الحبال ويسهل عليهم الموت ويدخلهم فسيح جنانه. وبينما كانت الدموع تتساقط من الجميع على فراق الاخوة والاحبة، دفعني جنون ما وعدت الى الحمام حيث كنت نظر الى جهات المحيطة لساحة الاعدام.

في الحائط الجنوبي للباحة والتي تفصله عن باحة الخدمة يوجد باب اسود صغير يقف الى جانبه عناصر من الشرطة العسكرية ترافقهم عناصر البلدية، وفي وسط الباحة انتشار لبقية عناصر الشرطة والبلدية. وشاهدت بعض العناصر المسلحة تعلو اسطح المهاجع المجاورة، مصوبين فواهات بنادقهم باتجاه السجناء العزل المقيدي الارجل والايدي المنبطحين ارضا معصوبي الاعين. لحظات وفتح الباب الصغير من جهة باحة الخدمة ودخل منه مجموعة، فأدى عناصر الشرطة المجاورين للمكان التحية بقوة، استجمعت كل حواسي كي يتسنى لي معرفة من دخل عرفت من بينهم (العميد غازي الجهني مدير السجن) والمساعد محمد نعمة ضابط امن السجن، ام البقية فكانو يرتدون اللباس الرسمي المدني اجل عرفتهم، اللواء حسن قعقاع والعميد سليمان الخطيب رئيسي المحكمة الميدانية في سجن تدمر، كان الخطيب قصير القامة هذا الاخير الذي اعدم الكثير من السجناء، ومن كان يقع تحت يده يقوم بتعذبيه حتى اثناء المحاكمة.. الخطيب الذي روى لي احد السجناء عنه انه اعدم سجيناً كان طبيباً بيطرياً بحجة ان الطبيب قتل بقرة اهله. قال لي ان الطبيب كان موظفا لدى مصلحة الزراعة في المنطقة التي يوجد فيها اهل واقارب القاضي العميد سيلمان الخطيب، بعد ان اطلع القاضي على المعلومات المتواجدة في ملف السجين تعرف اليه القاضي وسأله انت الطبيب الجحش اللي كان يخدم عنا بالضيعة؟

قال له السجين: نعم

القاضي الخطيب: انت اللي قتل بقرتنا مش هيك؟

السجين: اي بقرة سيدي؟

البقرة اللي كنت تعالجها وماتت لانك حمار ما تفهم، بحظي متل ما ماتت البقرة راح تموت انت، اخرج يا كلب انت محكوم اعدام، تعرف يا ابن الشل(..) البقرة بتسوى لحية وشوارب ابوك وابو اللي خلفوك، لك البقرة تسوى (..).

وفعلا بعد خمسة عشر يوماً، نفذ العميد سليمان الخطيب حكم الاعدام بحق السجين.

وكان معه في الباحة اللواء حسن قعقاع رئيس المحكة الميدانية، وكان يرتدي بدلة بيضاء اللون موديل سفاري والى جانبه مقدم في المخابرات العسكرية فرع التحيقيق رئيس قسم التحيقيق واشخاص اخرون.

المقدم هو الذي قد اشرف على التحقيق معي اثناء فترة وجودي في فرع التحقيق العسكري، انه يتمتع بلذة لا متناهية اثناء التعذيب، كان يحتسي الخمر اثناء التحقيق مع السجناء، كما كان يشرف على تعذيب النساء المتهمات بالانضمام لرابطة العمل الشيوعي في الغرفة رقم 15، حيث كان يرتدي بيحاما زرقاء اللون وحذاء رياضي، ويضع له العناصر كرسياً من الجلد الفاخر اسود اللون، وطاولة صغيرة يوجد عليها زجاجة من الويسكي الفاخر المهرب من لبنان وعلبة سيجار كوبي فاخر وبعض الفاكهة، لا يروق له التحقيق مع النساء السجينات الا في هذه الوضعية. بعد ان يحتسي القدح الاول يأمر العناصر بجلب السجينة وفعلا.. فتح احد العناصر باب الغرفة المجاورة رقم 15 واخرج منها سجينة لم يتسن لي معرفتها، مرت ربع ساعة وبدأ بالتحقيق معها.. ويترافق الكلام مع ضربات قوية بكبل رباعي مصنوع من النحاس والبلاستيك يستخدم لنقل التيار الكهربائي بالتوتر العالي. وهذا النوع من الكابلات يستخدم للقطعات العكسرية لدى الجيش السوري، وهو من ادوات التعذيب المتعارف عليها في معتقلات وسجون المخابرات السورية، وقد استخدم هذا الكبل كاداة من ادوات التعذيب المتعددة اثناء التحقيق معي.. كنت احس بالألم الذي يرافقه، لذلك كلما تعرضت السجينة التي يحقق معها بضربة كنت احس بالوجع والألم والدمع يتساقط من عيني دون ان اشعر بها رغم انها تحرق جفن عيني.. صرخات امرأة تتعالى وتستنجد وهي تصرخ يا امي يا بيي. ومن خلال الصراخ شعرت بأنها قد تكون المرأة التي تعرفت عليها من خلال انبوب الماء الواصل بين زنزانتنا الجماعية رقم 14 التي اقيم فيها وزنزانتها رقم 15، قد تكون (فيروز) التي كانت في احدى المرات بعد ان تعرفت علينا بشكل جيد، غنت لنا اغنية ريتا لمارسيل خليفة واغنية للمطربة فيروز يا (جبل البعيد خلفك حابينا بتموج متل العيد وهمك متعبنا) واطلقنا انا ومن معي في الغرفة اسم فيروز لأن كان صوتها جميلاً ودافئاً يشبه صوت فيروز. كانت كلما تريد ان تكلمنا تدق على انبوب الماء ونتحدث من خلال فتحة صغيرة ونتبادل الرسائل.

وبينما تعلو صرخاتها صعدت الى صنبور الماء الذي يقع بحوار انابيب اخرى بعرض 30سم كنا نستخدمها للنوم نتيجة ضيق المكان، وفعلا طرقت على الانبوب وجاءت احد البنات السجينات وهي رفيقة لها من ضيعة قريبة من دير ماما منطقة مصياف وسألتها مين فيكن خرجت للتحقيق، واخبرتني انها فيروز. وسرعان ما نزلت الى الباب استمع الى كيفية التحقيق معها وكان كلام المحقق مفهوماً بشكل واضح، وكان قد طلب من العناصر المرافقة له بالتحقيق معها ان ينزعوا عنها ثيابها وهي تتوسل اليه ان لا يفعل هذا، ولكن نزع عنها كل ثيابها وكان المحقق يتكلم بصوت عال وكان كلامه غير مترابط نتيجة انه ثمل من كثرة ما تناول من اقداح الويسكي. طلب من احدهم ان يربطها وهي عارية على سلم بزواية مائلة وبينما هي تصرخ. اعتقد انه طلب هذا لانها كانت تضع يديها كي تستر عورتها بينما هو يسارع بجلدها كي ترفع يدها عن مكانها بينما هي صامدة وتأبى ان ترفع يدها ولكنه لم يفلح بهذا، فطلب من العناصر الذين معه ان يقيدوها على السلم كي يتاح له التمتع بمشاهدة جسدها العاري.

وفعلا تم ربطها وساد الغرفة والنفق المجاور الصمت المخيف المرتقب، ولكن بعد مضي نصف ساعة كانت تخرح منها صرخات متقطعة وبقيت هكذا حتى ساعات الصباح الاولى، وعندما تم الانتهاء من التحقيق معها، حملها اربعة عناصر من المخابرات على متن بطانية ووضعوها امام باب الغرفة 15 الملاصق لباب الغرفة التي اتواجد بها، وكانت ثيابها ملطخة بالدماء وشعرها منثور على وجهها.. انها فيروز.. وعندما ادخلوها الى الغرفة تعالت صيحات رفيقاتها، وبعد ان شاهدن منظرها بدأن يشتمن بأعلى اصواتهن يا مجرمين يا قتلة يا كلاب الله يلعن ابوكم ابو رئيسكم المجرم.

بينما هي تصرخ الما وشوقا دخليكم بدي اشوف بنتي بدي اشوفها قبل ما اموت.. سكتت واعتقدت انها ماتت واحسست ان عشق الوجع الالم قد جمعنا، فلم يعد لدي صبر. عند الظهيرة صعدت الى انبوب الماء وبعتث برسالة كي اطمئن عليها واتحقق من انها ما زالت على قيد الحياة. وفعلا حدثتني احدى البنات المتواجدات معها بنفس الزنزانة وطمنتني عنها، وقالت لي تصور الكلب المقدم معذبها كتير جسدها اصبح لونه ازرق من ضربات الكرباج وايضا وجهها مشوه وظهرها مش باين من الدم المتجمد.. كان ابن الحرام المقدم يطفئ سيجاره على (صدرها) و(فمها) وبين رجليها. وكان يعرضها للصعق الكهربائي.. المسكينة عم تنزف ونحنا خايفين عليها تموت. بعد ان سمعت هذا الكلام لا اعلم كيف نزلت من الانبوب ما ان وجدت نفسي مقرفص في الزواية المجاورة لدوة المياه، سرعان ما تبادر الى ذهني أنه قد يأتوا بشقيقتي او امي الى هنا ويفعلوا معها كما فعلوا مع فيروز. فيروز التي اطفأ المحقق سيجاره على شفاهها لن تغرد اليوم ولا غدا بينما الجبل البعيد القريب ينتظر صوتها ليرد الصدى ويصل الى اذني طفلتها التي تتنظر خلف الجبل المطل على ضيعة لها فيها ذكريات جميلة وشوق لرؤية حبيبة ومحب....

يتبع لاحقا تعذيب النساء في سجون المخابرات السورية..

__________

* كاتب سوري وسجين سياسي سابق

التعذيب فى المعتقلات

ربما كانت جملة إلهام سيف النصر، القابعة في نهاية كتابه "سجن أبو زعبل" (دار الفكر الجديد، بيروت 1975)، حقيقية بشكل ما. وربما ابتعد عن الصواب من لم يجعلها ديدنه!

فهو يرى أن كافة أشكال التعذيب وأهدافها، كذلك نفسيات السجانين وشخصياتهم، تكون دائماً متشابهة، من معسكرات النازي إلى معسكرات اليابان إلى معسكرات بابادوبولوس في اليونان!.

إذن الأمر ينسحب إلى هنا أيضاً، إلى فرع الأمن، منذ بداية الاعتقالات في النصف الثاني من السبعينيات وحتى يومنا هذا.

المشهد ذاته يتكرر مراراً، كما يقول إلهام سيف النصر، لكن بتغيرات طفيفة:

غرفة رمادية يتوسد بلاطها معتقل مضرج بالدماء.

غرفة تسبح فيها الدماء على الأرض، بركة مختلطة بالصديد والماء يسكب مراراً على شاب غيّبه التعذيب عن الوعي.

معتقلون مرميون في الكوريدورات، وما تزال جروحهم تنزف. يتنقل السجانون والمحققون والجلادون على أرجلهم وأيديهم وأجزائهم المنهكة.

الكراسي الألمانية هنا وهناك وفي كل مكان.. (كرسي دون جلسة أو مسند، مجرد هيكل معدني يجلس فيه المعتقل، يقيد من يديه ورجليه، ويطوى ظهره باتجاه الخلف حتى تتقطع أنفاسه).

الطميشات الكتيمة بألوانها القاتمة معلّقة على الجدران.

رائحة دم متخثر، أنّات مكبوتة، صراخ، وصياح المحققين.

هذا هو فرع الأمن باختصار.

الكثيرون يرون التعذيب مجرد وسيلة للحطّ من النوع الإنساني. أي تحويل الإنسان إلى مجرد كائن مقهور، بلا أي اعتبار ذاتي أو كرامة. بالتالي تصبح غريزة البقاء، ليس إلا، المحرك الأساسي لوجوده.

في يوم من أيام 1987عُرّيتْ إحدى المعتقلات الشيوعيات بثيابها الداخلية، فيما كانت تُضرب بالكرباج أمام الملازم، وتُضرب بعيون الجلادين، تلتهمها شبقة متشهية لعريها.

بعد انتهاء التعذيب، رميت الصبية في غرفة السجان، وليس في الزنزانة كما هي العادة. كانت الذريعة عدم وجود أماكن في الزنازين، ولربما كانت ذريعة مقبولة وسط هيجان الاعتقالات ذاك الزمن.

أحسّت وسط ظلمة الليل بحركة السجان في الغرفة. كان المبنى خالياً من العناصر، كما بدا لها. حفيف حركته يقترب منها. ثم أمسك بيدها، وهو يومئ لها بالسكوت، قبل أن يحاول جسده الإطباق عليها.

على الرغم من أنها لم تكن تقوى على إصدار نأمة، فجسدها منهدّ تحت وقع الألم والتعب، حاولت الهرب منه في أرجاء الغرفة الضيقة، جارّة جسدها كخرقة. وحين حشرها بين جسده والجدار ما كان منها إلا أن بدأت بالصراخ. صرخت وصرخت.

حتى التأمت مجموعة من السجانة المناوبين في الغرفة، وأبعدوه عنها. لكن تلك المعتقلة قررت ألا تصمت.

في اليوم التالي اشتكت للملازم الآخر. ومساء، عندما طُلبت من جديد إلى التحقيق، عمل الملازم الأول على تعريتها كما الأمس، قائلاً وعيناه تتوعدان:

— حتى لا تعيديها وتشتكي مرة أخرى.

الشيء اللافت، الذي لا يحدث إلا في تلك الأقبية، أن المعذبين كانوا ضباطاً في معظم الأوقات، ضباطاً وليسوا جلادين! أما أساليب التعذيب، كانت كثيرة ومبتكرة:

وُضعت الأوراق بين أصابع سحر.ب، أشعلوها مستمتعين بصراخها وبرائحة جلدها المحروق.

بقية البنات، في دفعة اعتقالات 1987، عُذِّبن بالكهرباء وبالدولاب. حميدة.ت مثلاً وُضعت في الدولاب دون أن يلبسوها البنطلون رغم صراخها طويلاً. في نهاية التعذيب تركت حميدة مرمية، وهي ما تزال مضغوطة بالدولاب، فيما السجان يضحك شامتاً: لقد رأيت كيلوتك.. لونه أبيض.

ثمة طريقة مبتكرة عذّبت بها حميدة أيضاً ومعها غرناطة.ج، تتلخّص في وضع الرأس في أداة الفلق، عوضاً عن وضع القدمين فيها، يرفع السجانون الأداة والمعتقلة فيها، مما يؤدي إلى انضغاط رقبتها بين حبلي الفلق، حتى توشك أن تختنق. يحتقن وجهها حتى يزرق، وتبدأ الحشرجات بالتصاعد.

حينها فحسب يرمونها أرضاً وهي في أنفاسها الأخيرة.

ربما كانت ماهية التعذيب تتلخص في إعادة السجين/ السجينة إلى مركباتهما الأولية، مركبات الإنسان البدئية والفطرية. ليحوله/ يحولها إلى رجل/ امرأة كهف عاريين إلا من ورقه الشجر، إن وجدت. عاريين في مواجهة قوى الطبيعة الغاشمة والمبهمة تماماً على تفسيراتهما البدائية والقاصرة.

تتبدى الصورة كما يلي: معتقل/ معتقلة أعزل/اء تماماً إلا من ذاكرة أضحت وبالاً عليه/ا، ذاكرة هي المبرر الوحيد لكل هذا الجحيم الملقى فيه.

معتقل أعزل في وجه التعذيب والقهر والخوف الطبيعي والغريزي من الموت..

إذن، عمل التعذيب هنا على الغريزة.. غريزة البقاء فحسب.

ربما كان ذاك الضابط الوسيم يعبث بتلك الغريزة أيضاً، وقت غادر مكتبه، بعيونه الخضراء وقامته السامقة، ليضرب فتاة ملقاة على أرض غرفته بالكرباج.

ضربها وضربها، حتى بدأ باللهاث والتصبب عرقاً. حينئذ رمى الكرباج من يده، تركها تئن بآخر طاقتها على الأنين، ليعود إلى مكتبه هادئاً كأن شيئاً لم يكن.

على مكتبه كانت تصطف: علبة تقليم الأظافر، كأس الويسكي والثلج بدأ بالذوبان فيه، وزجاجة العطر.

يرتشف رشفة من الكأس، يمضمض بها، وهو يبتسم ساخراً رامقاً الفتاة بغواية. ثم يزدرد الطعم اللاذع والممتع.

يبخّ من زجاجة العطر، ويتنسم رائحتها تزكم أنف الصبية المرمية أرضاً، رغم أن رائحة الدم والقيح تعجّ في الفراغ المحيط.

أخيراً يخرج الضابط بهدوء سيجارة من باكيت المارلبورو، يدفعها من بعيد، من خلف مكتبه، مومئاً للصبية التي راحت تراه غائماً من خلف حجب تنسدل على عينيها شيئاً فشيئاً..

تشربين سيجارة؟!!.

بالنسبة لسناء.ح كان الدولاب أول شيء ينتظرها في فرع الأمن، قبل التحقيق وقبل أن تُسأل أي سؤال!

ربما لأنها من أوائل المعتقلات في حملة الاعتقالات الواسعة في 1987، حملة عملت ذات صباح على اعتقالها في أحد أحياء العاصمة، ونقلها مسحوبة من شعرها إلى سيارات الأمن، ومن ثم إلى مقر الفرع.

كان ثمة أمر حدث قبلاً ربما استفزهم، لم ينسوه البتة وأرادوا الانتقام. كانت سناء قد استطاعت الهرب من عناصر الأمن قبل سنة، أي في حملة اعتقالات 1986 (حملة اعتقالات اللجان الشعبية)، حين دوهم بيت جميل.ح، وألقي القبض على مجموعة من الشباب المجتمعين فيه، فيما هربت سناء مدعية أنها ابنة للجيران.

الاستقبال الأول: أمسكني الضابط من شعري، وطفق يضرب رأسي بالجدران بهيستيرية.

كنت أتطوح بين يديه كدمية قماشية، الجدران الصلدة تتلقى هشاشة رأسي، قاسية كما هي دوماً. أحسّ أن دماغي سيتطاير إثر كل ضربة.

قبل أن يضيّع رأسي على الضابط متعة التعذيب ألقاني أرضاً، ليجعل الساعات المبهمة القادمة تنقضي، وصدمات الكهرباء المتتالية على يدي ورجلي تجعلني أحسّ جسدي بكليته يرتفع، ثم يخبط على الأرض فجأة، وروحي تصعد معه، وتهبط آنة على قساوة البلاط.

في الأخير، اقترب مدير السجن، أشرف على تعذيبي بنفسه، وراح يتمشى بتشفٍّ على ساقي المشلولتين تماماً.

رحت أصرخ بما تبقى لي من قوة على الصراخ، وهو يفرك حذاءه على ركبتي، كأنه يمعس صرصوراً، أو كأنه يحاول هرس العظام القابعة تحت الجلد.

كنت أحسّ أن العظام تنهرس حقاً.

— شـ… حقيرة..

صاح في أذني.

لكني لم أستطع السكوت حينها وهو يرمي بسيل الشتائم. وحين رحت أردّ عليها بشتائم مماثلة أقحم حذائه في فمي، وهو يعاود شتمي بالأقذع، ويعاود التعذيب بشكل أشد . مرت شهور طويلة ولم ينته تعذيب سناء.

كلما أتت دفعة من المعتقلين أو المعتقلات الجدد يعاودون التحقيق معها، استجوابها من جديد، ومن ثم تعذيبها.. تعذيب.. تعذيب..

الأيام المتطاولة تلك جعلت طبيب الفرع يضطر إلى إعطائها علبة مهدئ كي تستطيع النوم، وعلبة ليبراكس كي تكفّ معدتها، الملتهبة بشدة، عن القيء وتشنج أضحى لا يحتمل.

في اليوم الرابع للاعتقال استيقظت سناء.ح صباحاً. كان جسدها منهكاً منهكاً حدّ التلاشي.

الزنزانة خالية إلا من رائحة عفونة، أصوات السجانة الصباحية، بطانية عسكرية، وعلبة بلاستيكية مدورة كانت فيما مضى علبة للحلاوة.

جاء موعد إخراجها إلى التواليتت. لم تدرِ سناء لمَ قامت بملء علبة الحلاوة حتى حافتها بالماء! عادت إلى الزنزانة بأناة، وهي تحاول ألا تسكب أية قطرة منها على أرض الكوريدور.

إلى المنفردة قفلت، وهي تفكر أنها ستساق الآن إلى التعذيب، كما كل الأيام السابقة. التعذيب صباحاً ومساءً..

يريدونني أن أسلّم أكرم.ب.. من أين أعرف أين هو أكرم؟!!!

همست سناء لنفسها.

أحست أنها متعبة للغاية. بأنها لا تمتلك أية طاقة أخرى على التحمل، وهي في بئر عميق عميق وداكن على شكل منفردة، وألا نهاية لكل ذلك.. لا نهاية.

فقدت الرغبة في مراقبة الانعكاسات على بقعة الماء، دأبت على سكبها وراء باب منفردتها رقم 10. تلك البقعة كانت كمرآة تعكس صورة القادم من الكوريدور المواجه، وذلك عبر الفراغ المتشكل أسفل الباب المرتفع عن الأرض.

سناء كانت أول من يلمح أي قادم جديد أو نزيل للمنفردات من مرآتها المائية العاكسة، لتهمس إلى المنفردات المجاورة بالحدث الطارئ.

لكن سطوة علبة المهدئ وعلبة الليبراكس، الموضوعتين إلى جانب البطانية، كانت هي السيدة لحظتئذ. سطوة تناديها للانصياع.

أصوات التعذيب تتناهى إليها من غرف التحقيق في الطابق العلوي.

كمسيّرة، قيّض لها ذلك، أفرغت سناء حبوب الدواء كلها في فمها، شربت بعدها كل الماء الموجود في علبة الحلاوة. …

بداية أحسست بالخدر يتسلل إلى جسدي.

كان باب المنفردة يفتح، شبح السجان يقف بالباب، يريد أن يأخذني إلى التحقيق. الصورة راحت تغيم أمامي:
— يريدونك فوق.

همس السجان. ربما أحسّ بسحنتي الغريبة وعيني الغائمتين. لم أستطع القيام، أجبته واهنة وبصوت مبحوح:

— شربت كل الحبوب.. الآن سأرتاح.

كنت أشعر أني سأرتاح حقاً.

انقطعت أنفاس السجان، قبل أن يسابق نَفْسَه مهرولاً إلى الأعلى. كان يصيح بأن سناء انتحرت. أسمع صدى صوته يتناهى إليّ وهو يتردد في الأقبية.

لم تمر دقائق حتى كان مدير السجن بباب المنفردة، لمحته كشبح قبل أن أغيب عن الوعي تماماً.

حين استيقظت سناء.ح كانت ممدّة على سرير مستشفى! وثمة دكتور قبالتها يصيح بألم مغطياً عينيه بيديه:

— هؤلاء يهود.. ما الذي فعلوه بجسدك؟! مجرمين سفاحين.

الكدمات الزرقاء القاتمة منتشرة على جسد سناء، تملؤه كله. ذراعاها وساقاها متفسخة، الجروح عليها متقيحة، ووجهها متورم حتى لا تكاد عيناها تظهران فيه.

في ذلك اليوم، بعد غسل معدتها، أعيدت سناء مساءً إلى المنفردة.. ولم يقم أحد بتعذيبها!

في صباح اليوم الثاني أخذوني مطمّشة إلى غرفة التحقيق.

وصلوا أشرطة الكهرباء إلى معظم مناطق جسدي، إلى معصميّ وذراعيّ، إلى رسغيّ وذراعيّ، ثم إلى بطني ليبدأ التعذيب.

لدهشتي، بعد أقل من خمس دقائق، سمعت صوت وشوشات وهمسات في الغرفة.

ثم فجأة توقف التعذيب، وخرج الجميع.

على الرغم من الطميشة، تغطي عيني بالكامل، إلا أني أحسست بعدم وجود أحد حولي.

كان الصمت قد خيّم على المكان! ما في حدا هون؟!!

صحت. لكن أحداً لم يجب!

زحفت إلى الحائط، حاولت أن أنزع الطمّيشة بحفّها به. خُدش سطحه الخشن خدي ووجنتي، لكني أخيراً نجحت في نزعها. كانت الغرفة فارغة تماماً!

من الخارج استطعت أن أسمع ضجة عناصر الأمن وهم يمورون في الكوريدور، وتعرّفت على صوت أكرم.ب. إذاً لقد ألقوا القبض عليه.

بعد أكثر من ربع ساعة، وأنا منسية في الغرفة، رحت أضرب على الحائط بكلتا يدي، أصيح، أزعق، حتى أتى عنصر وأنزلني إلى المنفردة، بدون الطمّيشة للمرة الأولى.

لأول مرة أرى الممرات، الكوريدورات، ومتاهات الفرع وأنا أعود إلى منفردتي. أحس الأمر ككابوس.

لم أعرف كيف أتى أول الليل، وعادوا لاستدعائي مجدداً.

مدير السجن ومجموعة من الضباط مجتمعين في غرفة. من تحت الطميشة استطعت أن ألمح وجيه.غ (زوربا) ملقى على وجهه يئن. جسده مثخن بالجروح المفتوحة، الدماء تغطيه، وتنسكب منه إلى الأرض في بقعة كبيرة تنتشر حوله. كان يبدو في النزع الأخير..

لن أنسى هيئة زوربا ما حييت. ذاك الألم يسكن أناته لن يغيب أبداً عن ذاكرتي.. لن يغيب.

المنفردات المقابلة والمجاورة لمنفردة سناء غصّت أيضاً بالكثير من المعتقلات السياسيات.

إحداها كانت منفردة رقم 9، حيث كانت لينا.و وأنطوانيت.ل محشورتين في منفردة تضيق بمعتقلة واحدة.

لطالما تهامستا في نهاية الليل مع المنفردة المقابلة رقم 10، منفردة سناء.

— أتعرفين.. عالم المنفردات هو عالم الأقدام والشحاحيط.

همست لينا لرفيقتها، وهي جاثية كالعادة على ركبتيها، تسترق النظر من تحت باب المنفردة الحديدي.

الوقت يمرّ، ولينا تقضيه منبطحة تراقب، من خلال السنتيمترات القليلة الفاصلة بين الباب والأرض، أقدام المارة في كوريدور الفرع، أقدام السجانة والمعتقلين، علّها تلتقط هوية أحدهم.

المنفردة تلك ضمّت لينا وأنطوانيت لأكثر من 33 يوماً. نامتا فيها (عقب ورأس)، كل منهما تحتضن أقدام الأخرى. على الرغم من ذلك كان الوضع في المنفردة أكثر رأفة من وجود لينا قبلاً، ولمدة 12 يوماً، في غرفة في الطابق الأرضي، طابق التعذيب والتحقيق.

هناك كانت تشعر أنها في مسلخ حقيقي:

أصوات التعذيب من حولها ترتفع ليل نهار، الصراخ والأنين، ورائحة صديد تحاصر روحها. وهي تقضي الوقت مستيقظة تحاول، كمازوخية، معرفة الشباب والبنات من أصواتهم. فيما تتوالى جلسات التعذيب على الدولاب والكهرباء والكرسي و… تتوالى وتتوالى.

في ليلة من تلك الليالي سمعت لينا أحد السجانة، أثناء نوبة حراسته الليلية، يغني بلسان أحد المسجونين أغنية سميح شقير:

هي يا سجانة!! هي يا عتم الزنزانة…

كان صوته يتهدج وهو يئن:

لو ما أمي تركتا بعيد..

ولو ما اشتقت لضيعتنا..

ثم صمت.

لأول مرة تحسّ لينا أن للسجان قلباً يختنق بروائح الفرع. أذنين يتهالكان من أنات الألم وصراخ التعذيب. وأن له أحبة يحتاج إلى قلبه ليحبهم.

لأول مرة تكتشف لينا أن للسجان قلباً.

ذات يوم، في وقت ما بين وجبة الصباح والظهر، دفع أحد العناصر الباب بغتة بحركة منتصرة. كانوا ثلاثة، عيونهم تنضح بنظرات الشماتة والفرح.

اعتقلوا أحد رفاقنا.

فكرتُ.

ربما خطرت الفكرة ذاتها لرفيقتي أنطوانيت. لكنهم لم ينبسوا بحرف، أخذوني فحسب معهم. طمّشوني، شدّوني إلى فوق، وراحوا يجرجرونني على السلم باتجاه غرف التحقيق.

كان جسدي يرتطم بكل درجة من الدرجات الحجرية. بدت لي أنها لن تنتهي.

هناك، في غرفة التحقيق الكبيرة، نزعوا الطميشة عن عيني.

كان أكثر من 15 ضابطاً متحلقين حول رجل جاث على ركبتيه في الوسط. رحت اقترب من الحلقة، ودفشاتهم في ظهري تقرّبني أكثر.

الأجساد تبتعد عن الوسط، وأنا أتبين الصورة أوضح فأوضح:

الرجل مدمّى..

يداه مربوطتان إلى الوراء

يتضح الإنهاك الشديد من التعذيب عليه..

أضحيت، وبدفشة واحدة في ظهري، وجهاً لوجه معه..

كان عدنان.م.. زوجي.

لم أجد نفسي إلا وأنا منهارة على ركبتي أمامه. زحفت لأضمّه، أضمّ رجلاً مدمىً من المفترض أن يكون زوجي. لكن العناصر شدوّني بعيداً، فيما كان عدنان يصيح:

— لا تخافي لينا.. ما بيخوفو.. لا تخافي.

لبطوه على عينه.

صرت أسمع صوت صراخه وركلاتهم على جسده، وهم يشدونني خارجاً على الرغم من صراخي الذي صمّ مبنى الفرع برمته.

في المنفردة كان وضع لينا شبيهاً بوصف كولن ولسن لأسلوب النازية الألمانية، فرض نظام أسموه: لم يعد إنساناً.

لا يجد الإنسان نفسه، بالتعذيب والقهر المتواصل، إلا وهو يتراجع عن إنسانيته حتى حيوانيته.

كان على عدنان في الأعلى، ولينا في الأسفل، أن يتّبعا ما سبق وأسميته غريزة البقاء.

أي أن يفكرا بالبقاء فحسب. دون أية تبعات إنسانية جانبية وثانوية في ذلك الوقت.

كان عليهما أن يجاهدا للعيش.

تركوها طيلة الليل لتسمع أصوات تعذيبه، تصلها بوضوح شديد. تجلدها، تلذعها، تطبق الخناق على صدرها، وتحاول أن تنتزع نفسها الأخير.

طيلة الليل بقيت لينا متقوقعة على نفسها في الزنزانة بلا حراك.

بعد أيام قليلة نقلت وأنطوانيت إلى المهجع 6، دون أن تعرفا ماذا حلّ بعدنان. ومن ثم إلى المزدوجات حيث كان ينتظرهما، كما كل المعتقلات، ما لم يتوقعنه.

هامش:

المزدوجات عبارة عن أربع زنازين صغيرة (1.60*1.80) لها سقيفة واحدة. تتقابل كل زنزانتين منهما، وبينهما الكوريدور والحمام ومَحرك السجان والباب الخارجي الموصد الذي يطل على كوريدور السجن.

أنثى الكهف العارية: التعذيب

نيغاتيف – الجزء الثاني –أنثى الكهف العارية: التعذيب

يونيو 16, 2008 by The Editor

null

ربما كانت جملة إلهام سيف النصر، القابعة في نهاية كتابه “سجن أبو زعبل”(11)، حقيقية بشكل ما، وربما ابتعد عن الصواب من لم يجعلها ديدنه! فهو يرى أن كافة أشكال التعذيب وأهدافها، كذلك نفسيات السجانين وشخصياتهم، تكون دائماً متشابهة من معسكرات النازي إلى معسكرات اليابان إلى معسكرات “بابا دوبولوس” في اليونان!. إذاً الأمر ينسحب إلى هنا أيضاً، إلى فرع الأمن1، منذ بداية الاعتقالات في النصف الثاني من السبعينيات وحتى يومنا هذا. المشهد ذاته يتكرر مراراً، كما يقول إلهام سيف النصر، لكن بتغيّرات طفيفة:

غرفة رمادية يتوسد بلاطها معتقل ملطّخ بالدماء. غرفة تسبح فيها الدماء على الأرض، بركة مختلطة بالصديد والماء يسكب مراراً على شاب غيّبه التعذيب عن الوعي. معتقلون مرميون في الكوريدورات وما تزال جروحهم تنزف، يتنقل السجانون والمحققون والجلادون على أرجلهم وأيديهم وأجزائهم المنهكة.

الكراسي الألمانية(12) هنا وهناك وفي كل مكان..

الطميشات الكتيمة بألوانها القاتمة معلّقة على الجدران.

رائحة دم متخثر، أنّات مكبوتة، صراخ، وصياح المحققين.

هذا هو فرع الأمن1 باختصار.

الكثيرون يرون التعذيب مجرد وسيلة للحطّ من النوع الإنساني، أي تحويل الإنسان إلى مجرد كائن مقهور بلا أي اعتبار ذاتي أو كرامة، بالتالي تصبح غريزة البقاء، ليس إلا، المحرك الأساسي لوجوده.

في يوم من أيام 1987عُرّيت إحدى المعتقلات الشيوعيات بثيابها الداخلية فيما كانت تُضرب بالكرباج أمام الملازم، وتُضرب بعيون الجلادين التي تلتهمها شبقة متشهية لعريها. وقت انتهى التعذيب رميت الصبية في غرفة السجان، وليس في الزنزانة كما هي العادة، كانت الذريعة عدم وجود أماكن في الزنازين، ولربما كانت ذريعة مقبولة وسط هيجان الاعتقالات ذاك الزمن.

أحسّت وسط ظلمة الليل بحركة السجان في الغرفة. كان المبنى خالياً من العناصر كما بدا لها. حفيف حركته يقترب منها. ثم أمسك بيدها، وهو يومئ لها بالسكوت، قبل أن يحاول جسده الإطباق عليها.

على الرغم من أنها لم تكن تقوى على إصدار نأمة، فجسدها منهدّ تحت وقع الألم والتعب، حاولت الصبية الهرب منه في أرجاء الغرفة الضيقة جارّة جسدها كخرقة. وحين حشرها بين جسده والجدار ما كان منها إلا أن بدأت بالصراخ. صرخت وصرخت. حتى التأمت مجموعة من السجانة المناوبين في الغرفة وأبعدوه عنها.

لكن تلك المعتقلة قررت ألا تصمت. في اليوم التالي اشتكت للملازم الآخر. ومساء، وقت طُلبت من جديد إلى التحقيق، عمل الملازم الأول على تعريتها كما الأمس قائلاً وعيناه تتوعدان:

ـ حتى لا تعيديها وتشتكي مرة أخرى.

الشيء اللافت، الذي لا يحدث إلا في تلك الأقبية، أن المعذبين كانوا ضباطاً في معظم الأوقات، ضباطاً وليسوا جلادين! أما أساليب التعذيب فقد كانت كثيرة ومبتكرة:

وُضعت الأوراق بين أصابع سحر.ب(13)، أشعلوها مستمتعين بصراخها وبرائحة جلدها المحروق.

بقية البنات، في دفعة اعتقالات 1987، عُذِّبن بالكهرباء وبالدولاب. حميدة.ت(14) مثلاً وُضعت في الدولاب دون أن يلبسوها البنطلون على الرغم من صراخها طويلاً. في نهاية التعذيب تركت حميدة مرمية، وهي ما تزال مضغوطة بالدولاب، فيما السجان يقهقه شامتاً: لقد رأيت كيلوتك.. لونه أبيض.

ثمة طريقة مبتكرة عذّبت بها حميدة أيضاً ومعها غرناطة.ج(15) تتلخّص في وضع الرأس في أداة الفلق، عوضاً عن وضع القدمين فيها، يرفع السجانون الأداة والمعتقلة فيها مما يؤدي إلى انضغاط رقبتها بين حبلي الفلق حتى توشك أن تختنق. يحتقن وجهها حتى يزرق، وتبدأ الحشرجات بالتصاعد. حينها فحسب يرمونها أرضاً وهي في أنفاسها الأخيرة.

ربما كانت ماهية التعذيب تتلخص في إعادة السجين/ السجينة إلى مركباتهما الأولية، مركبات الإنسان البدئية والفطرية، ليحوله/ يحولها إلى رجل/ امرأة كهف عاريين إلا من ورقه الشجر، إن وجدت. عاريين في مواجهة قوى الطبيعة الغاشمة والمبهمة تماماً على تفسيراتهما البدائية والقاصرة.

تتبدى الصورة كما يلي: معتقل/ معتقلة أعزل تماماً إلا من ذاكرة أضحت وبالاً عليه، ذاكرة هي المبرر الوحيد لكل هذا الجحيم الملقى فيه. معتقل/ معتقلة أعزل في وجه التعذيب والقهر والخوف الطبيعي والغريزي من الموت.. إذاً عمل التعذيب هنا على الغريزة.. غريزة البقاء فحسب. ربما كان ذاك الضابط الوسيم يعبث بتلك الغريزة أيضاً وقت غادر مكتبه، بعيونه الخضراء وقامته السامقة، ليضرب فتاة ملقاة على أرض غرفته بالكرباج. ضربها وضربها حتى بدأ باللهاث والتصبب عرقاً، حينئذ رمى الكرباج من يده، تركها تئن بآخر طاقتها على الأنين ليعود إلى مكتبه هادئاً كأن شيئاً لم يكن. على مكتبه كانت تصطف: علبة تقليم الأظافر، كأس الويسكي والثلج بدأ بالذوبان فيه، وزجاجة العطر. يرتشف رشفة من الكأس، يمضمض بها وهو يبتسم ساخراً رامقاً الفتاة بغواية، ثم يزدرد الطعم اللاذع والممتع، يبخّ من زجاجة العطر ويتنسم رائحتها تزكم أنف الصبية المرمية أرضاً على الرغم من أن رائحة الدم والقيح تفغم الفراغ المحيط. أخيراً يخرج الضابط بهدوء سيجارة من باكيت المارلبورو، يدفعها من بعيد، من خلف مكتبه، مومئاً للصبية التي راحت تراه غائماً من خلف حجب تنسدل على عينيها شيئاً فشيئاً..

تشربين سيجارة؟!

بالنسبة إلى سناء.ح(16) كان الدولاب أول شيء ينتظرها في فرع الأمن1 قبل التحقيق، وقبل أن تُسأل أي سؤال! ربما لأنها من أوائل المعتقلات في حملة الاعتقالات الواسعة في 1987، حملة عملت ذات صباح على اعتقالها في أحد أحياء العاصمة ونقلها مسحوبة من شعرها إلى سيارات الأمن ومن ثم إلى مقر الفرع.

كان ثمة أمر حدث قبلاً ربما استفزهم، لم ينسوه البتة وأرادوا الانتقام. كانت سناء قد استطاعت الهرب من عناصر الأمن قبل سنة، أي في حملة اعتقالات 1986 (حملة اعتقالات اللجان الشعبية)، حين دوهم بيت جميل.ح(17) وألقي القبض على مجموعة من الشباب المجتمعين فيه، فيما هربت سناء مدعية أنها ابنة للجيران.

الاستقبال الأول: أمسكني الضابط من شعري، وطفق يضرب رأسي بالجدران بهيستيرية. كنت أتطوح بين يديه كدمية قماشية، الجدران الصلدة تتلقى هشاشة رأسي قاسية كما هي دوماً. أحسّ بأن دماغي سيتطاير إثر كل ضربة. قبل أن يضيّع رأسي على الضابط متعة التعذيب ألقاني أرضاً، ليجعل الساعات المبهمة القادمة تنقضي وصدمات الكهرباء المتتالية على يدي ورجلي تجعلني أحسّ جسدي بكليته يرتفع ثم يخبط على الأرض فجأة، وروحي تصعد معه وتهبط آنة على قساوة البلاط. نهاية اقترب مدير السجن، الذي أشرف على تعذيبي بنفسه، وراح يتمشى بتشفٍّ على ساقي المشلولتين تماماً. رحت أصرخ بما تبقى لي من قوة على الصراخ وهو يفرك حذاءه على ركبتي كأنه يمعس صرصوراً، أو كأنه يحاول هرس العظام القابعة تحت الجلد.

كنت أحس بأن العظام تنهرس حقاً.

ـ شرموطة.. حقيرة..

صاح في أذني. لكني لم أستطع السكوت حينها وهو يرمي بسيل الشتائم، وحين رحت أردّ عليها بشتائم مماثلة أقحم حذائه في فمي وهو يعاود شتمي بالأقذع، ويعاود التعذيب بشكل أشد.

مرت شهور طويلة ولم ينته تعذيب سناء.

كلما أتت دفعة من المعتقلين أو المعتقلات الجدد يعاودون التحقيق معها، استجوابها من جديد، ومن ثم تعذيبها..

تعذيب.. تعذيب..

الأيام المتطاولة تلك جعلت طبيب الفرع يضطر إلى إعطائها علبة مهدئ كي تستطيع النوم، وعلبة ليبراكس كي تكفّ معدتها، الملتهبة بشدة، عن إقياء وتشنج أضحى لا يحتمل. في اليوم الرابع للاعتقال استيقظت سناء.ح صباحاً، كان جسدها منهكاً منهكاً حدّ التلاشي. الزنزانة خالية إلا من رائحة عفونة، أصوات السجانة الصباحية، بطانية عسكرية، وعلبة بلاستيكية مدورة كانت فيما مضى علبة للحلاوة. جاء موعد إخراجها إلى التواليتات. لم تدرِ سناء لمَ قامت بملء علبة الحلاوة حتى حافتها بالماء! عادت إلى الزنزانة بأناة وهي تحاول ألا تسكب أية قطرة منها على أرض الكوريدور. إلى المنفردة قفلت وهي تفكر أنها ستساق الآن إلى التعذيب كما كل الأيام السابقة. التعذيب صباحاً ومساءً.. يريدونني أن أسلّم أكرم. ب(18).. من أين أعرف أين هو أكرم؟!!!

همست سناء إلى نفسها. أحست بأنها متعبة للغاية، بأنها لا تمتلك أية طاقة على التحمل وهي في بئر عميق عميق وداكن على شكل منفردة، وبأن لا نهاية لكل ذلك.. لا نهاية.

فقدت الرغبة في مراقبة الانعكاسات على بقعة الماء التي دأبت على سكبها وراء باب منفردتها رقم 10. تلك البقعة كانت كمرآة تعكس صورة القادم من الكوريدور المواجه وذلك عبر الفراغ المتشكل أسفل الباب المرتفع عن الأرض. سناء كانت أول من يلمح أي قادم جديد أو نزيل للمنفردات من مرآتها المائية العاكسة، لتهمس إلى المنفردات المجاورة بالحدث الطارئ. لكن سطوة علبة المهدئ وعلبة الليبراكس، الموضوعتين إلى جانب البطانية، كانت هي السيدة لحظتئذ. سطوة تناديها للانصياع. أصوات التعذيب تتناهى إليها من غرف التحقيق في الطابق العلوي. كمسيّرة، قيّض لها ذلك، أفرغت سناء حبوب الدواء كلها في فمها، شربت بعدها كل الماء الموجود في علبة الحلاوة.

بداية أحسست بالخدر يتسلل إلى جسدي.

كان باب المنفردة يفتح، شبح السجان يقف بالباب ويريد أن يأخذني إلى التحقيق. الصورة راحت تغيم أمامي:

ـ يريدونك فوق.

همس السجان. ربما أحسّ بسحنتي الغريبة وعيني الغائمتين. لم أستطع القيام، أجبته واهنة وبصوت مبحوح:

ـ شربت كل الحبوب.. الآن سأرتاح.

كنت أشعر بأني سأرتاح حقاً. انقطعت أنفاس السجان قبل أن يسابق نَفْسَه مهرولاً إلى الأعلى. كان يصيح بأن سناء انتحرت، أسمع صدى صوته يتناهى إليّ وهو يتردد في الأقبية. لم تمر دقائق حتى كان مدير السجن بباب المنفردة، لمحته كشبح قبل أن أغيب عن الوعي تماماً.

حين استيقظت سناء.ح كانت ممدّة على سرير مستشفى! وثمة دكتور قبالتها يصيح بألم مغطياً عينيه بيديه:

ـ هؤلاء يهود.. ما الذي فعلوه بجسدك؟! مجرمين سفاحين.

الكدمات الزرقاء القاتمة منتشرة على جسد سناء، تملؤه كله، ذراعاها وساقاها متفسخة، الجروح عليها متقيحة، ووجهها متورم حتى لا تكاد عيناها تظهران فيه.

في ذلك اليوم، بعد غسل معدتها، أعيدت سناء مساءً إلى المنفردة.. ولم يقم أحد بتعذيبها! في صباح اليوم الثاني أخذوني مطمّشة إلى غرفة التحقيق. وصلوا أشرطة الكهرباء إلى معظم مناطق جسدي: إلى معصميّ وذراعيّ، إلى رسغيّ وذراعيّ، ثم إلى بطني ليبدأ التعذيب. لدهشتي، بعد أقل من خمس دقائق، سمعت صوت وشوشات وهمسات في الغرفة ثم فجأة توقف التعذيب، وخرج الجميع. على الرغم من الطميشة، تغطي عيني بالكامل، إلا أني أحسست بعدم وجود أحد حولي. كان الصمت قد خيّم على المكان!

ـ ما في حدا هون؟!!

صحت. لكن أحداً لم يجب! زحفت إلى الحائط، حاولت أن أنزع الطمّيشة بحفّها به، خُدش سطحه الخشن خدي ووجنتي، لكني أخيراً نجحت في نزعها. كانت الغرفة فارغة تماماً! من الخارج استطعت أن أسمع ضجة عناصر الأمن وهم يمورون في الكوريدور، وتعرّفت على صوت أكرم. ب.

إذاً لقد ألقوا القبض عليه.

بعد أكثر من ربع ساعة، وأنا منسية في الغرفة، رحت أضرب على الحائط بكلتا يدي، أصيح، أزعق، حتى أتى عنصر وأنزلني إلى المنفردة بدون الطمّيشة للمرة الأولى. لأول مرة أرى الممرات، الكوريدورات، ومتاهات الفرع وأنا أعود إلى منفردتي.

أحس بالأمر ككابوس.

لم أعرف كيف أتى أول الليل وعادوا لاستدعائي مجدداً. مدير السجن ومجموعة من الضباط مجتمعين في غرفة. من تحت الطميشة استطعت أن ألمح وجيه.غ (زوربا)(19) ملقى على وجهه يئن، جسده مثخن بالجروح المفتوحة، الدماء تغطيه، وتنسكب منه إلى الأرض في بقعة كبيرة تنتشر حوله.

كان يبدو في النزع الأخير.. لن أنسى هيئة زوربا ما حييت. ذاك الألم يسكن أناته لن يغيب أبداً عن ذاكرتي.. لن يغيب.

المنفردات المقابلة والمجاورة لمنفردة سناء غصّت أيضاً بالكثير من المعتقلات السياسيات. إحداها كانت منفردة رقم 9، حيث كانت لينا. و وأنطوانيت. ل(20) محشورتين في منفردة تضيق بمعتقلة واحدة. لطالما تهامستا في نهاية الليل مع المنفردة المقابلة رقم 10، منفردة سناء.

ـ أتعرفين.. عالم المنفردات هو عالم الأقدام والشحاحيط.

همست لينا لرفيقتها وهي جاثية كالعادة على ركبتيها، تسترق النظر من تحت باب المنفردة الحديدي. الوقت يمرّ، ولينا تقضيه منبطحة تراقب، من خلال السنتيمترات القليلة الفاصلة بين الباب والأرض، أقدام المارة في كوريدور الفرع، أقدام السجانة والمعتقلين علّها تلتقط هوية أحدهم. المنفردة تلك ضمّت لينا وأنطوانيت لأكثر من 33 يوماً، نامتا فيها (عقب ورأس)، كل منهما تحتضن أقدام الأخرى. على الرغم من ذلك كان الوضع في المنفردة أكثر رأفة من وجود لينا قبلاً، ولمدة 12 يوماً، في غرفة في الطابق الأرضي، طابق التعذيب والتحقيق. هناك كانت تشعر أنها في مسلخ حقيقي: أصوات التعذيب من حولها ترتفع ليل نهار، الصراخ والأنين ورائحة صديد تحاصر روحها وهي تقضي الوقت مستيقظة تحاول، كمازوخية، معرفة الشباب والبنات من أصواتهم، فيما تتوالى جلسات التعذيب على الدولاب والكهرباء والكرسي و… تتوالى وتتوالى.

في ليلة من تلك الليالي سمعت لينا أحد السجانة، أثناء نوبة حراسته الليلة، يغني بلسان أحد المسجونين أغنية سميح شقير:

هي يا سجانة!! هي يا عتم الزنزانة

كان صوته يتهدج وهو يئن:

لو ما أمي تركتا بعيد..

ولو ما اشتقت لضيعتنا..

ثم صمت. لأول مرة تحسّ لينا بأن للسجان مشاعر تختنق بروائح الفرع، أذنين تتهالكان من أنات الألم وصراخ التعذيب، وأن له أحبة يحتاج إلى قلبه ليحبهم. لأول مرة تكتشف لينا أن للسجان قلباً.

ذات يوم، في وقت ما بين وجبة الصباح والظهر، دفع أحد العناصر الباب بغتة بحركة منتصرة. كانوا ثلاثة، عيونهم تنضح بشزرات الشماتة ونظرات الفرح.

اعتقلوا أحد رفاقنا.

فكرتُ.

ربما خطرت الفكرة ذاتها لرفيقتي أنطوانيت. لكنهم لم ينبسوا بحرف، أخذوني فحسب معهم، طمّشوني، شدّوني إلى فوق، وراحوا يجرجرونني على السلم باتجاه غرف التحقيق.

كان جسدي يرتطم بكل درجة من الدرجات الحجرية التي بدت لي أنها لن تنتهي.

هناك، في غرفة التحقيق الكبيرة، نزعوا الطميشة عن عيني.

كان أكثر من خمسة عشر ضابطاً متحلقين حول رجل جاث على ركبتيه في الوسط. رحت اقترب من الحلقة ودفشاتهم في ظهري تقرّبني أكثر.

الأجساد تبتعد عن الوسط، وأنا أتبين الصورة أوضح فأوضح:

الرجل مدمّى..

يداه مربوطتان إلى الوراء

يتضح الإنهاك الشديد من التعذيب عليه..

أضحيت، وبدفشة واحدة في ظهري، وجهاً لوجه معه..

كان عدنان. م(21).. زوجي.

لم أجد نفسي إلا وأنا منهارة على ركبتي أمامه، زحفت لأضمّه، لأضمّ رجلاً مدمىً من المفترض أن يكون زوجي، لكن العناصر شدوّني بعيداً فيما كان عدنان يصيح:

- لا تخافي لينا.. ما بيخوفو.. لا تخافي.

لبطوه على عينه.

صرت أسمع صوت صراخه وركلاتهم على جسده وهم يشدونني خارجاً على الرغم من صراخي الذي صمّ مبنى الفرع برمته.

في المنفردة كان وضع لينا شبيهاً بوصف كولن ولسن لأسلوب النازية الألمانية، فرض نظام أسموه: لم يعد إنساناً.

لا يجد الإنسان نفسه، بالتعذيب والقهر المتواصل، إلا وهو يتراجع عن إنسانيته حتى حيوانيته.

كان على عدنان في الأعلى، ولينا في الأسفل، أن يتّبعا ما سبق وأسميته غريزة البقاء، أي أن يفكرا بالبقاء فحسب. دون أية تبعات إنسانية جانبية وثانوية في ذلك الوقت.

كان عليهما أن يجاهدا للعيش.

تركوها طيلة الليل لتسمع أصوات تعذيبه التي تصلها بوضوح شديد، تجلدها، تلذعها، تطبق الخناق على صدرها، وتحاول أن تنتزع نفسها الأخير.

طيلة الليل بقيت لينا متقوقعة على نفسها في الزنزانة بلا حراك.

بعد أيام قليلة نقلت وأنطوانيت إلى المهجع رقم 6 دون أن تعرفا ماذا حلّ بعدنان، ومن ثم نقلتا من جديد إلى المزدوجات(22).

هناك كان ينتظرهما، كما كل المعتقلات، ما لم يتوقعنه