الأربعاء، 17 يونيو 2009

شعبان عبد الرحيم يكافح مرض انفلونزا الخنازير














بعد "النيولوك"
شعبان عبد الرحيم يكافح أنفلونزا الخنازير "وإييييه"

محيط ـ عادل عبد الرحيم



شعبان عبد الرحيم

القاهرة : تعكف وزارة الصحة المصرية على دراسة الاستعانة بالمغني الشعبي شعبان عبد الرحيم كبطل لحملة التوعية الإعلامية ضد مرض أنفلونزا الخنازير، ويعكس هذا الاختيار توجها عاما يرى من خلاله صانع القرار الإعلامي في "شعبولا" أداة توصيل جيدة لأغلب طوائف المصريين الذين دائما ما يبتسمون عند مشاهدته ويرددون كلمات أغانيه البسيطة على وقع أنغام سيمفونية "وإيييييه".


كان نجم شعبان عبد الرحيم قد سطع في الحقل الإعلامي مؤخرا، حيث تم عمل "نيولوك" مدهش له، قام من خلاله بتقديم برنامج "هات م الآخر" على الفضائية المصرية واستضاف خلاله عشرات الشخصيات العامة ورموز الثقافة والأدب والفكر في مصر وأدار خلاله حوارات باللغة العامية، فيما رآه البعض محاولة لتقليص الهوة السحيقة بين المثقفين الذين يسكنون أبراجا عالية والبسطاء الذين يبدون تفهما أكبر للغة الحوار المبسطة.


وواقع الحال يشهد بأن "شعبولا" يفرض نفسه دائما على ساحة الأحداث المهمة سياسيا واجتماعيا وفنيا، فمنذ بدأ حربه الفنية الوطنية التي انطلقت من محطته الشهيرة "أنا باكره إسرائيل"، وما صاحبها من انتشار واسع ـ ربما أكثر في ساحات الأفراح والملاهي الليلية ـ وهو يتحين الأحداث السياسية التي تشهدها مصر.


فحين تعرض الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش للقذف بحذاء الصحفي العراقي منتظر الزيدي، سارع شعبولا لترديد أغنيته الشهيرة التي خرجت للنور في أقل من يوم قائلا:


تستاهل ألف جزمة يا يوش يابن الذين

خلاص مالكش لازمة ع اللي انت عملته فينا


ومن بين أشهر ملاحم "شعبولا" الغنائية الوطنية تلك التي كانت من حظ الرئيس المصري حسني مبارك في مناسبة عيد ميلاده، وتحمل عنوان "الريس"، وتقول كلماتها "عيد سعيد يا ريس - يا وش الخير والنصر - ربنا يحميك ودايما - تعلي اسم مصر ـ إييييه .. وقتك ضايع في شغلك مبتحسبش الساعات ـ دايما شباب ودايما همة وكلك نشاط، علشان انت إنسان كويس من كل الناس محبوب .. رمز السلام يا ريس وبتكره الحروب.. وايييه".







كما غنى شعبان عبد الرحيم للتعديلات الدستورية التي جرت منذ فترة، وجاءت كلمات الأغنية، التي سجلها شعبولا في أقل من 24 ساعة، المصريين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم إما بنعم أو لا على التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان المصري مؤخراً.


كذلك استعانت وزارة التعليم المصرية بشعبولا للقيام بأداء أغنية ترويجية لمعايير الجودة في التعليم، الأغنية من تأليف فوزي تاج ـ خبير الإعلام التربوي بالوزارة ـ وتقول كلمات الأغنية:


من غير كلام كتير

هانطبق المعايير

وهيه .. .. هيه .. .. وهيه

كبير ولا صغير هاشرحلك المعايير

لجل خير ولادنا

وشيوخنا والحريم

نعمل اللي يفيدنا نهتم بالتعليم

وهيه .. .. هيه .. .. وهيه

يعني المدرس يشرح بذمة وبضمير

واوعي الطالب يسرح أو يهرب أو يطير

وهيه .. .. هيه .. .. وهيه


وبشكل عام تعكس جماهيرية المطرب الشعبي المصري شعبان عبد الرحيم المتصاعدة مقابل ذبول أو موت دور المثقف العربي نتيجة تواكب الأول مع الأحداث التي تشغل الموطن العربي وتلامس احتياجاته اليومية، مقابل تراجع دور المثقفين عن ممارسة دوره السياسي والاجتماعي وانكفاءه على أحاديث النخب الضيقة دون تفاعل مع الحدث جماهيريا.


ويبدو الملمح اللافت في شخصية شعبان عبد الرحيم انه رغم عدم حصوله على أي قسط من التعليم فهو ـ كما يعترف ـ "مكوجي" لا يجيد القراءة أو الكتابة، لكن يحسب له أنه دائما ما يحرص على الظهور في جلباب "ابن بلد" يمتلك حسا وطنيا فطريا بدون فلسفة كاذبة أو رتوش.


ويبدو نجاح شعبان فيما فشل فيه المثقف العربي انه عكس قضايا الأمة وأوجاعها بطريقة تلقائية نادرة وبشجاعة افتقد إليها المثقفون، فنحن لم نر مثقفا تصدى بنفس الفاعلية لتجاوزات بابا الفاتيكان المسيئة للإسلام بنفس الرؤية الحضارية التي كان بها شعبان عبد الرحيم حيث قال مخاطبا البابا بندكت السادس عشر

أنا عندى عتاب بجد لـ بابا الفاتيكان

من غير ما أضايق حد ولا حد يكون زعلان

المسلم والمسيحى والكل زعلانين

عشان ماكنش ينفع تهين المسلمين

إسلامنا دين محبة إسلامنا دين سماح






وماانتشرش أبداً بالسيف ولا بالسلاح

الناس مش ناقصة فتنة الناس عاوزين أمان

وكفاية الدنيا ولعة على يد الأمريكان

رسومات تهين نبينا والسنة والقرآن

وكل يوم إهانة من ناس ليهم سكان


إساءة الدانمرك


وعندما أثيرت قضية الرسوم الكاريكاتورية كان شعبان أكثر فاعلية من المثقفين العرب لم نر شاعر كتب قصيدة رددها الجمهور أو احتفظ بها طلاب الجامعات من باب أنها مقتنيات ثمينة ، وتدخل شعبان وغنى ضد حكومة الدانمرك وشجع على مقاطعتها تجاريا قائلا:


لو يقرا عن محمد.. ها يعرف هو مينْ

رسول الإنسانية.. الصادق الأمينْ

دنمارك إيه يا عالم.. حتى بتوع العجولْ

مين دول علشان يقولوا كلام على الرسولْ

ها أقول ومش راح أسكت.. والناس ها تقول

معايا عايزين مقاطعة شاملة.. وبرضه مش كفاية

لو كل الناس هاتسكت.. فيه رب اسمه الحسيبْ


وفى الوقت الذي غاب فيه المثقف العربي عن ممارسة دوره التنويري بالتحذير من أنفلونزا الطيور غنى شعبان داعيا المولى عز وجل رفع البلاء قائلا: "يارب استرها علينا.. يا رحمن يا غفور قال يعني كانت ناقصة أنفلونزا الطيور.. من غير ما ألف وأدور للناس حاقولها.. أنفلونزا الطيور، خدوا بالكوا منها.. خد بالك من الفراخ لو جالها يوم زكام.. وفضي العشة خالص من البط والحمام.. لو شفت وزة دايخة.. خد بالك منها.. أو امسك التليفون وبلغ عنها.. لو عندك طير مريض من فضلك سلمه.. أو حطه في التراب وافحتلوا واردمه.. لو كلت فراخ مريضة.. صدقني ح تتنفي.. كلها يومين تلاتة والمرض يختفي.. الريش متمسكهوش وتمللي اغسل إيديك .. والفرخة ما تاكلهاش إلا بعد ما تتغلي.. هيييييه".


ويعتقد بعض النقاد أن شعبان كسب كثيراً من البرامج والصحف التي تظهره بصورة "المهرج" أو "العبيط" حيث أنه انتبه إلى ان ذلك يزيده شعبية لدي جماهيره ولا تنتقص منه شيئاً حيث استمر في الظهور بالصورة المضحكة بدءاً من ارتدائه 4 ساعات من ماركات مختلفة وبألوان غريبة إلى ذلك الجاكت المنقوش بالورود والزهور.



شعبان عبد الرحيم واسلام خليل


واستغل شعبان ذلك جيداً وكسب حب الناس له سواء الفقير والغني والجاهل والمتعلم بل إن بعض المثقفين يفتخرون بأنهم يسمعون شعبان عبد الرحيم ويعلنون ذلك رغبة في اكتساب بعضاً من حب الناس له ، كما فعل أحد مرشحي الحزب الوطني في انتخابات مجلس الشعب الماضية الذي أقام حفلاً غنائياً أحياه شعبولا قبل أن يعرض برنامجه الانتخابي .. ويبدو أن شعبان أصبح هو الأقدر على الوصول للجمهور وتوصيل الرسائل الإعلامية والحكومية إلى الشعب المصري بعد ان عجز عنها الكثير من رجال الدولة والسياسة والمنظمات الحكومية.


وسواء كان يعرفها أم لا، نجد أنفسنا مطالبين بالاعتراف بأن شعبولا هو المغني الوحيد بين مطربي عصره الذي غنى للغالبية العظمي من القضايا المعاصرة، بغض النظر عن هل هو يشعر بتلك القضايا ويتفاعل معها أم إنه فقط يمارس مزايدات فنية سياسية ويركب الموجة ، والغريب أن شعبان أصبح مطلوباً بشدة لتوصيل رسالة إعلامية لتوعية الجمهور المصري والعربي بخطورة وحقيقة فيروس أنفلونزا الطيور وكيفية مواجهتها والتصرف معها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق