الثلاثاء، 16 يونيو 2009

صفحات من تأريخ الموسيقى

صفحات من تأريخ الموسيقى
إن الموسيقى فن من الفنون الراقية التي تتباهى بها الأمم والشعوب على مر العصور, وقد مارسته شعوب مابين النهرين والمصريين ضمن من مارسوه بين الأمم. لقد كان السلم الموسيقي في مصرفي عهد الدولتين القديمتين " 3200- 3111 ق.م" والوسطى " 1500 ق.م" سلما خماسيا ذات درجات كاملة, و بين نوتة ونوتة درجة كاملة, ورموز السلم الخماسي هي : "دو- ري- مي- فا- صول.. لا" ولقد استعمل السلم الخماسي في الصين في ذلك الوقت أيضا. ثم تغير هذا السلم بعد عهد الهكسوس فأصبح سلما سباعيا وذلك بظهور الدولة الحديثة.

ولقد تأثرت مصر بالدولة الآشورية حتي كان في بلاطها فرقتين موسيقيتين احداهما مصرية والأخرى
أسيوية آشورية, وكانت موسيقى ذلك البلاط مركّبة كغيرها من موسيقى المعالم القديمة.
وكان السلّم الموسيقي الصيني القديم سباعيا بعد تجاوزه السلم القديم , كما يدل على ذلك الناي القصير " تي " ذا الثقوب الثلاث والذي يخرج المقامات السبع.و لقد اكتشف في " سومر" ناي قديم يشبه الناي الصيني ..ولا يقتصر الشبه بينهما على الشكل وعدد الثقوب وترتيبها, بل يدل الأسم السومري " تي – كي " على إن إستعمال هذه الآلة قد انتقل من شواطئ الفرات الى ضفاف اليانغستي. وهنا ملاحظة جديرة بالأهتمام والتمعن آلا وهي ,إنه قد نسب الى العالم " فيثاغورس " صياغة السلم السباعي..ولكنه في الحقيقة من إبداع السومريين, فقد كان فيثاغورس طالبا جال في بلدان المشرق .. مصر –الشام- بابل فأخذ مما أخذ أبعاد السلم المنسوب إليه من البابليين الذين اشتهروا برصد الكواكب والعلوم الأخرى.
يقول الأستاذ سليم الحلو في إحدى مؤلفاته: " قيل عن فيثاغورس انه هو الذي وضع نسب أبعاد السلم الموسيقي اليوناني ..لكننا نشك في هذا القول, لقد كانت هذه النسب تتردد على أفواه علماءبابل والكلدان قبل فيثاغورس ومنهم اخذ هذه العلوم".
ويقول العالم الموسيقي برودوان بريفورت : إن اليونانيين القدماء اخذوا السلم الموسيقي الطبيعي" الماجور" من موسيقى الشرق وهذا السلم لم يكتشفه الأوربيون.
لقد عثر على وثيقة في العراق عام1962 تثبت اكتشاف نظرية المثلث القائم قبل وجود فيثاغورس
ب 500 عام واكتشفت هذه الوثيقة في تل حرمل قرب بغداد.
يقول فارمر: " ان الموسيقى العربية هي من اصل سامي أثرت تأثيرا قويا في الموسيقى اليونانية
إن لم نقل ان قواعد الأصطحاب" الهارموني" الأساسية ستزداد قناعة متى قرر إن الموسيقى الشرقية هي الأساس لغير الأصطحاب."
وقد اكتشف السلم السباعي العالم الأثري لينارد وولي عام1927 على قيثارة سومر التي يعود تاريخها الى القرن 25 قبل الميلاد, وبالأعتماد عليها أمكن إثبات أبعاد السلم السباعي وتؤكد ذلك المنظومات التي اكتشفت محفورة على الآجر في خرائب اور ونينوى,وكذلك اكتشف العلماء هذا السلم السباعي الأكدي الذي يعود أصله الى السومريين وإستطاع موسيقيين في جامعة واشنطن أن يكشفوا الستار عن الحان هذا السلم وأسمائه السبع من اللغة الأكدية كما وردت , كما إنهم سجلوا باللغة الأنكليزية شريطا وعزفوا الحانه السبعة.
أسماء المقامات الشرقية بحسب القيثارة السومرية:
قلنا واستنادا الى الأكتشافات الأثرية ان القيثارة السومرية هي اول الة موسيقية وترية معتمدة في العالم . لقد أغنى الباحثون العرب والشرقيون والغربيون المكتبة الموسيقية من حيث النوع لا الكم, ومنهم الأستاذ جبران أسعد( جبران مقدسي صومي) في كتيبه الموسوم "الموسيقى السورية عبر التاريخ" وفيه يتحدث عن اكتشاف المدرج الموسيقي المغمور من الحان الكنيسة السريانية الأنطاكية.. وعن حفظه وتدريسه لقسط كبير من هذه الألحان السريانية بشكل موضوعي مخضعا هذه الألحان للدرس والتدقيق حيث يقول :"لا يظن ان هناك شعب او امة عمل في حقل الموسيقا السريانية مثلما فعل احبار هذه الكنيسة" وقد صاغ ورتب وألّف كتابا للموسيقى السريانية التي يعود مصدرها الى الشعب السومري.
لقد وضع السلم الموسيقي السوري التاريخي من الألحان الثمانية التي تستعمل في الكنيسة السريانية حيث انبثقت منها جميع الألحان الموجودة في العالم حيث قدّرها الفيلسوف العظيم الفارابي ب 3000 لحنا. وتبنى الألحان في الكنيسة السريانية على القيثارة السومرية الخالدة ذات الأوتار السبعة " اما الوتر الثامن فهو ذا صوت حاد جوابا للوتر الأول حيث يبدأ اوكتافا جديدا اي ديوانا آخر" فيبدأ اللحن الأول على الوتر الأول وهكذا الى الوتر الأضافي.
يقول ابن العبري في كتابه الايثيقيون : ان المقامات الأساسية كانت 12 مقاما ثم اختصرت الى 8 مقامات وحسب القيثارة السومرية بعد إهمال المقامات الأربعة الأولى لعدم توافقها مع غاية العبادة. ويجب الأشارة الى ان القيثارة السومرية تبدأ من قرار الصول
الى درجة فا.
وقد تم تحوير اسماء المقامات الثمانية من اللغة الآرامية الى اللغة العربية كما يلي:
1- BAYA المقام الأول البيات: وهو مقام البياتي في اللغة العربية, وكلمة بيات مشتقة من الفعل بات التي تعني فيما تعني أدركه الليل أو نزل ليلا..وهي لا تعطي بهذا المعنى صفة موسيقية فنية,ولكنها محرفة عن السريانية "بيا" التي تعني عزّى,سلّى وهذا المعنى يعطيها صفة موسيقية واضحة.
2- HAWSONE المقام الثاني الحسيني: والكلمة مشتقة من الحسن والجمال ولاتعطي ذات الدلالة الموسيقية كما في السريانية حيث تعني الترفق ..ولهذا المعنى دلالات موسيقية تنسجم مع هذا المقام.
3- UR-Ak المقام الثالث العراق : وإسمه جاء من مدينة في العراق قد تكون الوركاء - اور عاصمة السومريين والأكديين.
4- RAZD المقام الرابع الرصد:وهو بالعربية الرست حيث يعتبر المقام الرئيسي الأول وتعني المستقيم , وليس لهذا المعنى صلة بالمقام المستقيم وهذا لايعطيه صفة موسيقية ,اما بالآرامية فتعني أدرج,قرر,ثبت, أصلح.
5- UGOالمقام الخامس أوج: وهو بالعربية "اوج أي الأعلى" أما معناه باللغة التركية فهو الرأس الحاد,أما في السريانية فهو ألميس, الزهور. الريحان ,الخمرة ,والمعنى هنا اكثر إنسجاما مع طبيعة هذا المقام.
6- AGAM المقام السادس العجم: ويلفظ بالعربية عجم.. ويعني الغريب, الغشيم, وقد طغى معناه التركي حتى في العربية حيث يعني بلاد فارس. أما في اللغة الآرامية القديمة فمعناه رجوع, هبوط, تفريغ..وهو اقرب الى نوعية هذا المقام. فهذا المقام يبتدأ من مركزه الأعلى ثم يتفرع رويدا رويدا الى قراره لتوضح لنا معناه الارامي موسيقيا.وكانت هذه الطريقة في الأداء الصفة المميزة لغناء ابراهيم الموصللي.
7- SBA المقام السابع الصبا: وتعني باللغة العربية النسيم الشمالي وفي الآرامية تعني فرح, سرور,اراد, شاء, صفاء.وهذا المقام مفضل عند السريان خاصة في مراسيم موت الشهداء أو الكهنة لكونه حزينا ذات خاصية مميزة.
8- HAJO المقام الثامن الحجاز: وهو اسم السعودية قديما ,حيث كانت تعرف بإسم"حج..HAJ " وقد اضيف حرف الزاي الى الكلمة خلال الحكم العثماني, وقد إنتقل هذا المقام من الآراميين الى الحجاز فأعجب به المسلمون فجعلوا الآذان معتمدا عليه هناك, الا ان المصريين اعتمدوا مقام الرست في الآذان.
تجدر الأشارة الى ان اسماء المقامات القديمة هذه قد تغيرت في مؤتمر القاهرة الموسيقي في عام 1932 فأصبحت على النحو التالي:الرست-البيات- السيكاه-الجهاركاه- النوى- الحسيني- العجم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق